للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كان، فكأن أعجوبة حلت فيها.. إن عظمة الجيش العربي لم تقم على قوة السلاح أو جودة التنظيم، بل كان ثمرة القوة المعنوية الروحية التي كان الإيمان والدين قد عززاها في نفسه.

لقد جاء الإسلام مهيبًا بالشرق إلى النهوض من كبوته بعد ألف سنة اجتاحته فيها سطوة الغريب. ولقد انفتح أمام الأمم المغلوبة باب الحرية فصاروا يمارسون عقائد أديانهم دون إزعاج"١.

لقد أثبتت المعجزة نفسها ولم تعد في حاجة إلى برهان.

ومع ذلك سوف نتحدث عن شيء من أوجه الإعجاز القرآني.

معجزات يس:

نفرض أن العالم لم يعرف إلا كتابًا مقدسًا واحدًا جاء به من يقول للناس إنه رسول الله، فالناس المسؤلون أمامه صنفان: مؤمن به ومصدق له، أو كافر به ومكذب له. فإذا وجدنا طائفة من الناس تنتمي للصنف الأول فلا حاجة لهم إذن بالحديث عن معجزات النبي وكتابه فلقد آمنوا به وانتهى الأمر. وأما الصنف الثاني من الناس -وهم الكفار والمكذبون- فهؤلاء في موقف يقتضي بيان إعجاز الكتاب ومعجزات النبي حتى يكونوا على بينة من الأمر {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} ٢، و {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ٣. فالأمر جد خطير لأنه يتعلق بمصير الإنسان الأبدي.

ومما لا شك فيه أن هناك نوعا من المعجزات يجب تنحيته جانبًا عند البرهنة على أن هذا الكتاب أو ذاك إنما هو وحي الله الذي نزل من السماء، وأعني هنا


١ تاريخ العرب -تأليف الدكتور فيليب حتى وآخرين "جامعة برنستون"- مترجم عن الإنجليزية، دار الكشاف -بيروت- ١٩٤٩ ص١٩٣، ٢٣١.
٢ الأنفال: ٤٢.
٣ النساء: ١٦٥.

<<  <   >  >>