للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لكن الشاعر لو عبَّر عن حزنه وحده لكان حكمًا من طرف واحد، وبذلك لم يكن منصفًا لحق المرثي، الذي طبق الآفاق علمه وفضله، فهي الجديرة بالحكم عليه، لا الشاعر وحده، وتلك من خصائص التجديد في شعر الرثاء عند زاهر، التي عبَّرت عن صدق الشاعر في تجربته الشعورية، فهي لقوتها وصدقها ناء بها الشاعر وحده، فشاركه الكون بمن فيه وما فيه، من هول الفاجعة المتفجرة من وجدانه.

وتسير على هذا النمط قصيدة "دهي الخطب ص١٠٦، ١٠٧"، أنشدها الشاعر في رثاء الأستاذ عامر بن علي الألمعي -مساعد مدير التعليم بمنطقة جازان، حينما أصيب بحادث مفاجئ في عقبة "ضلع" عام ١٣٨٦هـ١.

وكذلك قصيدته "تعزية ومواساة ص١١٨، ١١٩" ٢، التي بعث بها إلى صديق فقد صديقه في عام ١٣٨٢هـ، وقصيدة "فقيد العلم"٣ قالها الشاعر في رثاء سماحة المفتي لشئون الكليات والمعاهد العلمية الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، المتوفَّى عام ١٣٨٦هـ. وقصيدة "فقيد الإسلام"٤ في رثاء الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي، المتوفَّى عام ١٣٧٨هـ.

والرثاء عند زاهر جاء في ديوانه الأول "الألمعيات"، أما الثاني "على درب الجهاد" فقد اشتمل على قصيدة واحدة أخرجتها من باب الرثاء، وأدخلتها في باب الشعر الإسلامي لأسباب أهمها:

أنَّ المرثي وهو المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز -طيب الله ثراه- لم تكن شخصيته في ذاته، وإنما تحوّل إلى زعامة إسلامية كبرى، لها نمطها الإسلامي الكبير، فأصبحت زعامته الإسلامية قيمة مجردة، ومجسمة في ذاتها، يتحدث عنها الشاعر حديث القيم الإسلامية التي جاء بها الإسلام ليجعل منها منارة في كل عصر، يهتدي بها المخلصون في كل مكان، وهذه القصيدة هي "فجع الأنام" ٥.


١ الألمعيات: ١٠٦/ ١٠٧.
٢ الألمعيات: ١١٨/ ١١٩.
٣ الألمعيات: ١٢٠/ ١٢١.
٤ الألمعيات: ١٢٦/ ١٢٧.
٥ على درب الجهاد: ١٣١/ ١٤٠.

<<  <   >  >>