تلك خصائص شعر الجنوب من شاعر ارتضع لبانها واغتذى من رحيقها، وحيي بهوائها ونسيمها، فأخلص لها الحب والوفاء والعطاء، فكان هذا الغرض بكرًا من بين أغراضه الأدبية.
رابعًا: الرثاء:
الرثاء الغرض الرابع في شعر زاهر، فقد اشتمل على قصائد في "الألمعيات" مثل قصيدة" "نجم هوى ص٣٠، ٣٢" رثى بها الشاعر سماحة الشيخ "محمد بن إبراهيم آل الشيخ" مفتي الديار السعودية، المتوفَّى في شهر رمضان عام ١٣٨٩هـ ومطلعها١:
نجم هوى فارتجت البيداء ... وتفجّعت من هوله الأرجاء
واغبرَّ وجه الأرض وانداحت به ... سحب جهام كلها دهماء
ودهى الجزيرة خطب هول فادح ... برزية عصفت بها النكباء
وأصغت لها بغداد واضطربت لها ... في الشام في أردنها العلماء
وعلى ضفاف النيل دوت صيحة ... من هول فاجعة لها أصداء
أمحمد قطب الفضيلة والحجا ... ومجدد لتراثنا بناء
أدرجت في كفن السماحة والندى ... ومشت تحف بنعشك العظماء
إلى قوله:
كم ليلة أحييتها فتنورت ... وتكشفت عن وجهها الظلماء
قد كنت في حلقات علم رائدًا ... فلأنت بدر في الدجى وضاء
ولأنت بحر في العلوم متوج ... بالحلم منصاع لك العلماء
أحييت بالعلم الشريف محافلًا ... فنمت بفيض معينها أكفاء
وارتادها من كل قطر رائد ... وبها سمت وتعالت الغراء
أمضيت عمرك في العلوم مجددًا ... فعلت بك الآداب والأدباء
قد كنت للإسلام درعًا ضامنًا ... تحمي الحمى فتهابك الأعداء
فلكم على مر الزمان مآثر ... عظمت وكان شعارها العلياء
يا من له في كل قلب موطن ... لا يرتقي لمناره إعفاء
فقدتك من أرض الجزيرة أمة ... واستوحشت لفراقك البطحاء
ونعتك من أرض الدنا قاداتها ... وتحدث الأدباء والشعراء
١ الألمعيات: ٣٠/ ٣٣.