للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو كاظم غيظه وحزنه غير رافع الرأس في المجتمع الجاهلي، ورجلٍ تضرب في رأسه الجاهلية المنتنة، فيتخلص من الأنثى الت يولدت له واستأمنه الله عليها، بأن يدسها في التراب وهي على قيد الحياة فيقتلها، وهذا هو الوأد الجاهلي.

ولقد صوّر القرآن هذه الحالة التي كان عليها العربي قبل الإسلام بقوله تعالى في سورة (النحل/١٦ مصحف/٧٠ نزول) :

{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} .

كيف يفرقون بين الذكر والأنثى هذا التفريق، وهما شطرا النفس الإنسانية دون أن يكون لهم في ذلك سند من العقل أو سنة الحياة وطبيعتها؟!

لو تبصروا قليلاً لعرفوا أن حكمة الله وقاعدة التكوين اقتضتا أن تنشأ الحياة بل المخلوقات كلها من زوجين اثنين، ذكر وأنثى، قال الله تعالى في سورة (الحجرات/٤٩ مصحف/١٠٦ نزول) :

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .

وقال تعالى في سورة (الرعد/١٣ مصحف/٩٦ نزول) :

{وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ} .

وقال تعالى في سورة (الذاريات/٥١ مصحف/٦٧ نزول) :

{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .

فمحا الإسلام بذلك مفاهيم الجاهلية، وأوضح للناس أن الذكور والإناث على صعيد واحد بين يدي الابتلاء الرباني في هذه الحياة، وأ، أكرم الناس عند الله أتقاهم. وحرّم ظلم المرأة تحريماً شديداً، وندد بوأد البنات تنديداً بالغاً، فقال الله تعالى في سورة (الأنعام/٦ مصحف/٥٥ نزول) :

{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} .

<<  <   >  >>