للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسمر مجنأ من جلد ثور ... أصم مفللا ظبة النصال١

أما أبو خراش، ثالث الصعاليك الهذليين الذين وصفوا الترس، فقد وصف ترسه بأنه موثق، مصنوع من جلد ثور، ولكن وقفته طالت عند هذه الصفة الثانية؛ إذ مضى يصف هذا الثور، وكيف نشأ في واد خصيب مطير، حتى شب قويا يطعن الثيران المتصدية له، فترتد دامية من طعناته، ضخما كأنه خيمة كبيرة:

أواقد، لا آلوك إلا مهندا ... وجلد أبى عجل وثيق القبائل

غذاه من السرين أو بطن حلية ... فروع الأباء في عميم السوائل

مشب إذا الثيران صدت طريقه ... تصدعن عنه داميات الشواكل

يظل على البرز اليفاع كأنه ... طراف رست أوتاد عند نازل٢

وهكذا نستطيع أن نقرر، في ضوء ما بين أيدينا من شعر الصعاليك، أنهم بقدر ما كانوا حريصين على ذكر أسلحة الهجوم، مفتونين بوصفها، كانوا نفورين من ذكر أسلحة الدفاع، مقلين من وصفها.

الحديث عن الرفاق:

كما يتحدث الشعراء الصعاليك عن أسلحتهم التي يستخدمونها في مغامراتهم، يتحدثون عن رفاقهم الذين يرافقونهم فيها، ودور كل واحد منهم. وما أكثر ما نجد في شعرهم ألفاظ الرجل، والمنسر، والسربة، والمقنب، والفتيان، والأصحاب، والصحب، والقوم، وأمثال هذه الألفاظ التي تدل على الجماعة،


١ شرح أشعار الهذليين ١/ ٢٣٥.
٢ ديوان الهذليين ٢/ ١٣٩ - لا آلوك: أي أدع جهدا في أمرك. أبو عجل هو الثور. السرين: هي رتقة السرين بلدة على الساحل قريبة من مكة بين حلى وجدة. الأباء: القصب. العميم: ما اعتم من النبت في سوائل المطر، والسوائل الأماكن التي تسيل بالماء. المشب: الشاب من الثيران أو المسن. الشواكل: كل لحم مضطرب بين الجنب والورك. الطراف: الخيمة.

<<  <   >  >>