للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن إرنانها إذا ردمت ... هزم بغاة في إثر ما فقدوا١

ولكنه في سمع عمرو ذي الكلب عجيج، كأنه حنين ناقة مسنة تسبقها إبل شابة فنية، فهي عاجزة عن مسايرتها وهي لهذا دائمة الحنين:

وفي الشمال سمحة من النشم ... صفراء من أقواس شيبان القدم

تعج في الكف إذ الرامي اعتزم ... ترنم الشارف في أخرى النعم٢

وهو في سمع الشنفرى رنين وهتاف، ولكنه رنين حزين كصوت الشجي أثقلته شجونه وأحزانه:

وصفراء من نبع أبي ظهيرة ... ترن كإرنان الشجي وتهتف٣

ولكن هذا الصوت الحزين الخافت ينقلب عندما تأخذ السهام في الانطلاق إلى صوت نشط مدو كأنه دوي نحل عائد إلى غاره، فهو ملتف حوله مطيف به، يبحث عن منقذ إلى داخله في نشاط ودوي:

إذا طال فيها النزاع تأبى بعجسها ... وترمي بذرويها بهن فتقذف

كأن حفيف النبل من فوق عجسها ... عوازت نحل أخطأ الغار مطنف٤

يلاحظ أن القوس عند الرمي صوتين: صوتا عند بدء الرمي، وصوتا بعد الانتهاء منه، فانطلاق السهم يبدأ بصوت عال صارخ ثم ما إن ينطلق السهم حتى يهدأ رنين القوس، ويتحول إلى صوت ضعيف خافت نتيجة لاهتزازات وترها، فهما صوتان مختلفان، أما أولهما فهو عنده صياح، وأما الآخر فأنين كأنين الجريح:


١ شرح أشعار الهذليين ١/ ١٣. وديوان الهذليين ٢/ ٦٠ - السمحة: القوس المواتية. زارة: حي من أزد السراة. عدادها: صوتها. غرد: شديد الصوت. ردمت: أنبض فيها. الهزم: الصوت.
٢ شرح أشعار الهذليين ١/ ٢٣٩، ٢٤٠ - النشم: شجر. الشارف: الناقة المسنة.
٣ الأغاني ٢١/ ١٤١. ديوانه المطبوع / ٣٨. وديوانه المصور، لوحة رقم ٥٠، وفيهما "وحمراء" بدلا من "وصفراء" - الظهيرة: القوية الظهر.
٤ الأغاني ٢١/ ١٤١. وديوان المطبوع / ٣٨. وديوانه المصور، لوحة رقم ٥١، مع اختلاف في الروايات - العجس، مثلثة العين، مقبض القوس. والذروان: طرفاها. والمطنف: الذي يعلو الطنف وهو رأس الجبل.

<<  <   >  >>