للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقاربت من كفي ثم فرجتها ... بنزع إذا ما استكره النزع مخلج

فصاحت بكفي صيحة راجعت بها ... أنين الأميم ذي الجراح المشجج١

وكما يهتم الشعراء الصعاليك بصوت القوس، يهتمون أيضا بلونها، وهي عند الهذليين في ضوء ما وصل إلينا من شعرهم صفراء دائما:

وسمحة من قسي زارة صفـ ... ـراء هتوف عدادها غرد٢

وصفراء البراية عود نبع ... كوقف العاج في ورك حدال٣

وفي الشمال سمحة من النشم ... صفراء من أقواس شيبان القدم٤

ولكنها عند الشنفرى أحيانا صفراء وأحيانا حمراء، ويبدو أن مرد هذا إلى دقة ملاحظة الشنفرى، وصدق تعبيره عن تجاربه، فالقوس تكون صفراء في أول أمرها، فإذا ما كثر أستعمالها وتعرضت للشمس والمطر والتقلبات الجوية صارت حمراء. يقول في تائتيه متحدثا عن أصحابه في بعض غزواته بهم:

وباضعة حمر القسي بعثتها ... ومن يغز يغم مرة ويشمت٥

ويقول في قصيدة أخرى:

وصفراء من نبع أبي ظهيرة ... ترن كإرنان الشجي وتهتف٦

ومن هنا اختلف الرواة في هذا البيت، فبعضهم يرويه "حمراء من


١ الأغاني ٢١/ ١٤١، ١٤٢. وديوانه المطبوع / ٣٤. وديوانه المصور، لوحة رقم ٥٢، مع اختلاف في الروايات - النزع: مد القوس. مخلج: من خلج بمعنى جذب وغمز وانتزع، وفي نسختي الديوان "محلج" من حلج النداف. الأميم: المشجوج على أم رأسه.
٢ انظر ص٢٠٠ من هذا البحث، الهامش رقم ١.
٣ شرح أشعار الهذليين ١/ ٢٣٥ - الوقف: السوار. الورك: جانب القوس، ومجرى الوتر منها، والقوس المصنوعة من ورك الشجرة أي عجزها. القوس الحدال: التي مال عنقها، وتطامنت إحدى سيتيها.
٤ انظر ص٢٠٠ من هذا البحث، الهامش رقم ٢.
٥ المفضليات/ ٢٠٢ - الباضعة: القاطعة، ويريد بها قوما غزاة. حمر القسي: يقول ابن الأنباري في شرحه على المفضليات / ٢٠٣ "غزوا مرة بعد مرة فاحمرت قسيهم للشمس والمطر، والقسي تحمر على القدم". يشمت: يخيب ولا يغنم.
٦ انظر ص٢٠٠ من هذا البحث، الهامش رقم٣.

<<  <   >  >>