للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى أن قال: ورَوَى عَنْهُ: أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرُون، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الزَّوْزَني، ومُفْلح بْن أحمد الدومي، والقاضي مُحَمَّد بن عُمَر الأرمُويّ، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. قلتُ: يعني بالسماع١، وآخر من حدَّث عَنْهُ بالإجازة مَسْعُود الثّقفي.

وخطَّ الخطيب خطٌّ مليح، كثير الشَّكل والضَّبْط، وقد قرأت بخطه: أنا علي بن محمد السَّمْسار، أَنَا مُحَمَّد بْن المظفَّر، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج، ثنا جَعْفَر بْن نوح، ثنا مُحَمَّد بْن عِيسَى، سمعتُ يزيد بْن هارون يقول: ما عزَّت النَّيّةُ فِي الحديث إلّا لشرفِه٢.

وقال أَبُو مَنْصُور عليّ بْن علي الأمين: لمَّا رجع الخطيب من الشام كَانَتْ له ثروة من الثياب والذهب، وما كان له عَقِب، فكتب إِلَى القائم بالله: إني إذا متُّ يكون مالي لبيت المال، فأْذَنْ لي حَتَّى أُفِّرق مالي على من شئت، فإذِن له، ففرَّقها على المحدِّثين٣.

وقال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أَبِي حدَّثها قال: كنتُ أدخل على الخطيب وأُمرَّضه، فقلت له يومًا، يا سيّدي، إن أَبَا الفضل بْن خيرون لم يُعطني شيئًا من الذَّهب الَّذِي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث. فرفَع الخطيب رأسه عن المخدَّة وقال: خُذْ هَذِهِ الخِرْقة باركَ اللَّه لك فيها. فكان فيها أربعون دينارًا. فأنفقتها مُدّةً فِي طلب العلم٤.

وقال مكّيّ الرُّمَيْليّ: مرض الخطيب ببغداد فِي رمضان فِي نصفه، إِلَى أن اشتد به الحال فِي غُرّة ذي الحجة، وأوصى إِلَى أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، ووقَفَ كُتُبه على يده، وفرَّق جميعَ ماله فِي وجوه البِرّ وعلى المحدِّثين، وتوفِّي رابع ساعة من يوم الإثنين سابع ذي الحجة، ثُمَّ أخرج بُكرة الثلاثاء وعبروا به إِلَى الجانب الغربي، وحضره القضاة والأشراف والخلق، وتقدَّمهم القاضي أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي بالله، فكبَّر عليه أربعًا، ودُفن بجنب بشر الحافي.


١ سير أعلام النبلاء "١٣/ ٥٩٨".
٢ المصدر السابق.
٣ معجم الأدباء "٤/ ٢٧"، والمنتظم "٨/ ٢٦٩".
٤ سير أعلام النبلاء "١٣/ ٥٩٩"، وتذكرة الحفاظ "٣/ ١١٤٤".