للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن طاهر: سألتُ أَبَا القاسم هبة اللَّه بْن عَبْد الوارث الشيرازي: هَلْ كان الخطيب كتصانيفه فِي الحفظ؟ قال: لا. كُنَّا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب. وكانت له بادرة وحشة، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه.

وقال أَبُو الْحُسَيْن الُّطيُوري: أكثر كُتُب الخطيب سوى "تاريخ بغداد" مُستقاة من كتب الصُّوري، كان الصُّوري ابتدأ بها، وكانت له أخت بصور خلِّف أخوها عندها اثني عشر عِدْلًا من الكُتُب، فحصَّل الخطيب من كُتُبه أشياء.

وكان الصوري قد قسم أوقاته فِي نيفٍ وثلاثين شيئًا.

أخبرنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلّالِ، أَنَا جَعْفَرٌ، أَنَا السلفي، أَنَا مُحَمَّد بْن مرزوق الزعفراني، ثنا الحافظ أَبُو بَكْر الخطيب قال: أما الكلام فِي الصفات فإنَّ ما رُويَ منها فِي السُّنَن الصحاح مذهبُ السَّلف، إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عَنْهَا.

وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته اللَّه تعالى، وحققها قومٌ من المُثْبِتين، فخرجوا فِي ذلك إِلَى ضربٍ من التشبيه والتكييف، تعالى اللَّه عن ذَلِكَ، والقصد إنما هُوَ سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين اللَّه تعالى بين الغالي فِيهِ والمقصَّر عَنْهُ. والأصلُ فِي هَذَا أن الكلام فِي الصفات فرع الكلام فِي الذات، ويُحْتَذَى فِي ذلك حَذْوُهُ وَمِثَالُهُ، فَإِذَا كَانَ معلومٌ أن إثبات رب العالمين إنما هُوَ إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هُوَ إثبات وجود لَا إثبات تحديد وتكييف، فَإِذَا قُلْنَا: لله يد وسمع وبصر، فَإنَّمَا هِيَ صفاتٌ أثبتها اللَّه تعالى لنفسه، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأَيْدي والأسماع والأبصار التي هِيَ جوارح وأدوات للفِعْل، ونقول: إنما وجب إثباتها؛ لأن التوقيف وَرَدَ بها، ووجب نفي التشبيه عنها؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} [الشورى: ١١] و {لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد} [الإخلاص: ١] ١.

وقال الحافظ ابن النجار فِي ترجمة الخطيب: وُلِد بقرية من أعمال نهر المُلْك، وكان أَبُوهُ يخطب بِدْرْزِيجان، ونشأ هُوَ ببغداد، وقرأ القرآن بالروايات، وتفقَّه على الطَّبَري، وعلّق عَنْهُ أشياء من الخلاف.


١ راجع سير أعلام النبلاء "١٣/ ٥٩٨".