فِي الْمَتْبُوعِ.
(وَلَا) يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ (لِمَنْ قَدْ عُوهِدَا) بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ وَفِي نُسْخَةٍ عُوهِدُوا بِوَاوِ الْجَمْعِ أَيْ: لِلْمُعَاهَدِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا حُكْمَنَا، وَلَا الْتَزَمْنَا دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ، وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ
. (وَاخْتَارَا) أَيْ: الْحُرُّ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَكُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِنَّ أَرْبَعًا وَانْدَفَعَ نِكَاحُ الزَّائِدِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَسَوَاءٌ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ الْأَخِيرَاتِ جَازَ، وَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَيَرِثُ مِنْهُنَّ، كُلُّ ذَلِكَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ. (وَلَوْ فِي الْإِحْرَامِ هُمَا) أَيْ: الزَّوْجُ وَمُخْتَارَاتُهُ (قَدْ صَارَا) ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ فِيهِ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ عُرُوضَهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا فِي أَنْكِحَتِنَا؛ وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ اسْتِدَامَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فَجَازَ مَعَ الْإِحْرَامِ كَالرَّجْعَةِ. (وَ) لَوْ فِي. (عِدَّةِ الشُّبْهَةِ) لِمَا قُلْنَاهُ. (لَا فِي الرِّدَّهْ) مِنْهُ أَوْ مِنْهُنَّ أَوْ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مُنَافَاتَهَا لِلنِّكَاحِ أَشَدُّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَقْطَعُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الرَّجْعَةُ بِخِلَافِهِمَا. (أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَهُ) مَفْعُولُ اخْتَارَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجِ الْمُخْتَارِ التَّكْلِيفُ، فَلَا اخْتِيَارَ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، وَلَا لِوَلِيِّهِ، إذْ طَرِيقُهُ التَّشَهِّي فَيُوقَفُ إلَى الْكَمَالِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهُنَّ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ لِأَجْلِهِ. (وَ) اخْتَارَ الزَّوْجُ (فَرَدَّهْ مِنْ أَخَوَاتٍ) أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ، سَوَاءٌ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ الْأَخِيرَةَ جَازَ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَيْرُوزِ الدَّيْلَمِيِّ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ اخْتَرْ أَيَّتُهُمَا شِئْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادَهُ
(وَ) اخْتَارَ الْحُرُّ فَرْدَهُ مِنْ. (إمَاءٍ) أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ وَعَلَى حُرَّةٍ وَأَسْلَمَتْ الْإِمَاءُ مَعَهُ، وَقَدْ (وُصِفَتْ) بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ مُقَارَنَةِ الْيُسْرِ وَأَمْنِ الزِّنَا لِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وُصِفَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ. (لِيَأْسِهِ عَنْ حُرَّةٍ تَخَلَّفَتْ) أَيْ: اخْتَارَ أَمَةً عِنْدَ يَأْسِهِ عَنْ الْحُرَّةِ الْمُتَخَلِّفَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَا نَصُّهُ " وَإِنْ نَكَحَ الْمَجُوسِيُّ مَحْرَمًا لَهُ لَمْ نَعْتَرِضْ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ تَرَافَعَا فِي النَّفَقَةِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَرَافَعُوا أَيْ: الْكُفَّارُ إلَيْنَا فِيهَا أَيْ: فِي النَّفَقَةِ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَعْرَضْنَا عَنْهُمْ مَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا " اهـ فَاعْتُبِرَ فِي مَسْأَلَةِ الْأُخْتَيْنِ الرِّضَى بِحُكْمِنَا بَعْدَ التَّرَافُعِ وَلَمْ يُكْتَفَ بِمَا تَضَمَّنَهُ التَّرَافُعُ، وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ التَّرَافُعَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالنَّفَقَةِ دُونَ الْمُتَعَلِّقِ بِنَفْسِ هَذَا النِّكَاحِ، وَلَمْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَحْرَمِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ أَغْلَظُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْكُمْ بِهِ) أَيْ: الْإِنْفَاقِ، وَقَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ أَيْ: التَّقْرِيرِ، وَقَوْلُهُ: فِيهَا أَيْ: الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ: هَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: لَا الْحُكْمُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّا لَا نُقَرِّرُ هَذَا النِّكَاحَ، فَلَا نُقَرِّرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَالْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ) بَقِيَ الْحُكْمُ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْحُرُّ) شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَخْتَارُ أَرْبَعًا، بَلْ يَجِبُ اخْتِيَارُهَا وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ م ر. (قَوْلُهُ أَرْبَعًا) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ اخْتِيَارِ الْأَرْبَعِ وَامْتِنَاعُ الِاقْتِصَارِ عَلَى اخْتِيَارِ وَاحِدَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ فَيَسْتَمِرُّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي أَرْبَعٍ وَلَا تَنْدَفِعُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إلَّا بِنَحْوِ الطَّلَاقِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ خِلَافَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) بِأَنْ وُجِدَتْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعُ) هَلْ مَحَلُّ اخْتِيَارِ أَرْبَعٍ الرَّشِيدُ؟ فَالسَّفِيهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: التَّكْلِيفُ) يَدْخُلُ فِيهِ مَحْجُورُ السَّفَهِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ إذْنُ وَلِيِّهِ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ؟ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَا
(قَوْلُهُ: لِيَأْسِهِ عَنْ حُرَّةٍ تَخَلَّفَتْ) بِأَنْ مَاتَتْ وَلَمْ تُسْلِمْ أَوْ لَمْ تُسْلِمْ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ أَسْلَمَتْ وَتَأَخَّرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْعِدَّةُ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ السَّبَبُ فِي الْفُرْقَةِ لَا الِاخْتِيَارِ، وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لِإِطْلَاقِ شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ: إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ إلَخْ) ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ زَوْجٍ فَإِنْ عَقَدُوا مَعًا لَمْ تُقَرَّ عَلَى أَحَدٍ، سَوَاءٌ مَاتَ بَعْضُهُمْ فِي الْكُفْرِ أَوْ لَا، أَوْ مُرَتَّبًا أُقِرَّتْ مَعَ الْأَوَّلِ فَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي الْكُفْرِ أُقِرَّتْ مَعَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةِ التَّعْمِيمِ الْأَوَّلِ مِنْ م ر لَكِنْ سَيَأْتِي لِلْمُحَشِّي آخِرَ الْبَابِ مَا يُخَالِفُ هَذَا التَّعْمِيمَ اسْتِظْهَارًا مِنْهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ) قَالَ زي: جَرَى السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّ أَمْسِكْ لِلْإِبَاحَةِ وَفَارِقْ لِلْوُجُوبِ لَكِنْ عِنْدَ طَلَبِهِنَّ لَهُ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَبْسِ عَنْهُنَّ حَقٌّ لَهُنَّ فَيَجِبُ عِنْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَبْلَ الطَّلَبِ السُّكُوتُ عَنْ الْإِمْسَاكِ لِإِبَاحَتِهِ وَعَنْ الْفِرَاقِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ الْآنَ وَذَلِكَ لَا مَحْذُورَ فِيهِ وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى السُّكُوتِ عَنْهُمَا إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ،
وَذَلِكَ مَحْذُورٌ أَيْ: فَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ الْتِزَامُ أَنَّ الْإِمْسَاكَ وَاجِبٌ أَيْ: وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ هَذَا الْإِمْسَاكَ إمَّا بِالصَّرَاحَةِ كَأَمْسَكْتُ الْمُبَاحَ أَوْ بِالِالْتِزَامِ كَفَارَقْتُ الزَّائِدَ عَلَى الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إمْسَاكَ الْمُبَاحِ، وَهَذَا مَعْنَى