للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَطْءٍ رَافِعَيْنِ لَهُ، فَلَا. (وَ) لَا إنْ قَارَنَ (الْيُسْرُ أَوْ أَمْنُ الزِّنَا فِي) نِكَاحِ (الْأَمَةِ وَإِنْ طَرَا) أَحَدَهُمَا عَلَيْهِ. (الْإِسْلَامُ مِنْ هَذَا) أَيْ: الزَّوْجِ. (وَتِي) أَيْ: الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرَّرُ نِكَاحَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَارِنْ إسْلَامَهُمَا كَأَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَمِنَ الزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ، وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفَ الزِّنَا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّهُ يُقَرَّرُ نِكَاحُهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ وَاعْتُبِرَ هُنَا مُقَارَنَةُ إسْلَامِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ هُوَ وَقْتُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَإِنَّهُ إنْ سَبَقَ إسْلَامُهُ

فَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ أَوْ إسْلَامُهَا، فَالْمُسْلِمَةُ لَا تَحِلُّ لِلْكَافِرِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ شَبِيهًا بِحَالِ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَاعْتُبِرَ الطَّارِئُ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يُعْدَلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْبَدَلُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأَصْلِ فَجَرَوْا فِيهِ عَلَى التَّطْبِيقِ اللَّائِقِ بِهِ

(وَحُكْمُنَا) فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ (بِالْحَقِّ) بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ وَبَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي (إنْ خَصْمٌ) مِنْهُمَا (رَضِي) بِحُكْمِنَا بِأَنْ اسْتَعْدَى عَلَى خَصْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ. (حَتْمٌ) أَيْ: وَاجِبٌ كَالْحُكْمِ بَيْنَنَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ الظُّلْمِ عَنْ الذِّمِّيِّ كَالْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهَذِهِ نَاسِخَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ، وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الزِّنَا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (فَقَرَّرْنَا) أَيْ: إذَا تَرَافَعَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ أَوْ ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ فِي نِكَاحٍ فَنُقَرِّرُ لَهُمَا. (نِكَاحًا يَقْتَضِي) شَرَعْنَا. (تَقْرِيرَهُ لَوْ صَارَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُهْتَدِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: مُسْلِمًا وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقَرِّرُهُ لَوْ أَسْلَمَا، فَلَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ قَرَّرْنَاهُ وَحَكَمْنَا بِالنَّفَقَةِ (لَا الْحُكْمُ بِالْإِنْفَاقِ حَالَ) قِيَامِ (الْمُفْسِدِ) الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ فَلَيْسَ بِحَتْمٍ، بَلْ لَيْسَ بِجَائِزٍ، فَلَوْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا فِيهَا لِأَمْرِ الْإِنْفَاقِ لَمْ نَحْكُمْ بِهِ كَمَا لَا نَحْكُمُ بِتَقْرِيرِ نِكَاحِهِمَا لَوْ تَرَافَعَا لِأَمْرِهِ فِيهَا، بَلْ نُلْغِيهِ، وَهَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَلَعَلَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِرَفْعِ إيهَامِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَاسْتَشْكَلَ الْقَفَّالُ عُرُوضَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أَسْلَمَ جَرَتْ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، فَإِسْلَامُ الْآخَرِ يَكُونُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ لَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، نَعَمْ لَوْ حَبِلَتْ بِالشُّبْهَةِ تَقَدَّمَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ وَأَمْكَنَ اقْتِرَانُهَا بِإِسْلَامِ الْآخَرِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ النِّكَاحُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُتَيَقَّنْ جَرَيَانُهَا فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ بِالْإِصْرَارِ إلَى انْقِضَائِهَا، أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاضِيَ لَيْسَ عِدَّةَ نِكَاحٍ، بَلْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ اهـ وَبِهَامِشِهِ نَقْلًا عَنْ الْمُنَاوِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الِاخْتِيَارَ وَالْإِمْسَاكَ كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَأَنَّ إطْلَاقَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الشُّبْهَةِ، وَأَنَّ هَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَوَطْءِ) أَيْ: كَوَطْءِ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي عُمُومِ الْمَسْأَلَةِ لِلْمُقَارِنِ لِلنِّكَاحِ وَالطَّارِئِ بَعْدَهُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْمُقَارِنِ إذَا انْتَفَى عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ، وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى السُّبْكِيّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشٍ وَبَدْؤُهُ لِأَمَةٍ لَوْ حُرَّةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْيُسْرُ أَوْ أَمْنُ الزِّنَا، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَمِنَ الزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَ، وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ خَائِفُ الزِّنَا اهـ بِخَطِّهِ. (قَوْلُهُ: وَالْبَدَلُ أَضْيَقُ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ مُفْسِدٌ كَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ ضَرَّ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ

. (قَوْلُهُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ إلَخْ) هَلَّا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ إلَخْ) أَوْ يَشْرِطُ الْخِيَارَ وَتَرَافَعَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَتَرَافَعَا إلَيْنَا فِيهَا إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنْ نُلْغِيَ هَذَا النِّكَاحَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ رِضًى بِحُكْمِنَا وَرَاءَ مَا تَضَمَّنَهُ التَّرَافُعُ، بَلْ قَوْلُهُ: وَهَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ إلَخْ يُشْعِرُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضًى زَائِدٍ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ التَّرَافُعُ فِي كُلِّ تَرَافُعٍ فِيمَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

يِقَرُّونَ عَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ هَلْ فِي كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ خِلَافٌ؟ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ) فَالْمَدَارُ عَلَى الْحِلِّ الْآنَ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ نَكَحَ الْأَمَةَ أَوَّلًا، وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفُ الْعَنَتِ ثُمَّ نَكَحَ الْحُرَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَا لَمْ يُقَرَّ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ لَا الدَّوَامِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: اللَّائِقِ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِبْدَالَ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأُصُولِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَعْدَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ الطَّالِبُ.

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ نَاسِخَةٌ إلَخْ) فِي الْمُحَلَّى أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْمُعَاهَدِينَ وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ لِدَعْوَى النَّسْخِ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الْمَنْعِ وَالْإِيجَابِ بِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَاسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ وَرَدَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ أَصْلًا لِلْقِيَاسِ جُعِلَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى نَاسِخَةً لَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ مِنْ صِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمُحَلَّى وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْرِدُ الْآيَتَيْنِ مُخْتَلِفًا فَلَا يَتَأَتَّى النَّسْخُ فِي الْحُكْمِ لَكِنْ يَتَأَتَّى فِي صِحَّةِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْلَاهَا لَصَحَّ تَدَبَّرْ وَفِي ق ل اعْتِرَاضُ عَلَى ذَلِكَ فَانْظُرْهُ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُمْ قَاسُوا الذِّمِّيِّينَ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ قَبْلَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: ٤٩] فَلَمَّا نَزَلَ كَانَ نَاسِخًا لِهَذَا الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَنَا. اهـ. وَسَيَأْتِي هَذَا الْأَخِيرُ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَانْدَفَعَ) أَيْ: مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ إنْ أَسْلَمُوا مَعًا، وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمُنْدَفِعَةِ فَتَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>