للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَبِ الْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ، فَلَا شَيْءَ لَهَا لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ وَمَا مَضَى فِي الْكُفْرِ لَا يُنْقَضُ، نَعَمْ لَوْ أَصْدَقَهَا حُرًّا مُسْلِمًا اسْتَرَقُّوهُ أَوْ عَبْدَ مُسْلِمٍ أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِهِ أَبْطَلْنَاهُ، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا الْكَافِرُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ وَنَحْوِهَا وَلِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْخَمْرَةِ وَنَحْوِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَجَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَفِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، فَلَا يُعْفَى عَنْهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُ مُطْلَقًا كَذَلِكَ

بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرَ النَّاكِحِ، كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا غَصَبَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَبْطَلْنَاهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الصَّدَاقِ يَقْتَضِيهِ. (قِسْطَ) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: وَقَضَى لِلزَّوْجَةِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فِي تَسْمِيَةِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبِقِسْطِهِ (مَا لَمْ يُقْبَضْ) إنْ قَبَضَتْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ تَسْلِيمُ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ مِنْ الْفَاسِدِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ عَبْدَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ وَقَبَضَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا حَيْثُ يُسَلِّمُ بَاقِيَهُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ بِحُصُولِ الصِّفَةِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ، وَلَا يَحُطُّ مِنْهَا قِسْطَ الْمَقْبُوضِ فِي الْكُفْرِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ آخِرِ النُّجُومِ، وَقَدْ جَرَى فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ يَعْتِقُ بِالصِّفَةِ، وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، وَيُعْتَبَرُ التَّقْسِيطُ فِي الْفَاسِدِ. (بِقِيمَةٍ) لَهُ بِفَرْضِهِ مَالًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَفِي الْمِثْلِيِّ إذَا تَعَدَّدَ الْجِنْسُ دُونَ مَا إذَا اتَّحَدَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَفِي الْمِثْلِيِّ إذَا فَرَضْنَاهُ مِنْ الْمَالِيِّ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ اعْتَبِرْ) أَنْتَ التَّقْسِيطَ. (بِالْقَدْرِ) مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (لَا قِيمَةٍ) أَيْ: لَا بِالْقِيمَةِ (كَنِصْفِ زِقِّ خَمْرِ) قَبَضْتَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ أَصْدَقَهَا الزِّقَّ، فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا زِقَّيْ خَمْرٍ وَقَبَضَتْ أَحَدَهُمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْقَدْرِ، فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ الْكَيْلُ وَقِيلَ: الْوَزْنُ وَقِيلَ: الْعَدَدُ، نَعَمْ إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قِيمَةً لِزِيَادَةِ وَصْفٍ فِيهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فَيَجِبُ اعْتِبَارُ اتِّحَادِ الْمِثْلِيِّ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ جِنْسُ الْمِثْلِيِّ كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ فَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْقَدْرُ أَيْضًا لَا الْقِيمَةُ، عَكْسُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ النَّظْمِ وَقَوْلُهُ: إذَا فَرَضْنَاهُ مِنْ الْمَالِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتُبِرْ بِالْقَدْرِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (لَا لِلَّتِي) أَيْ: قَضَى بِالْمَهْرِ فِيمَا ذَكَرَ لِمَنْ لَمْ تُفَوِّضْ بُضْعَهَا أَوْ فَوَّضَتْهُ وَلَمْ يَعْتَقِدُوا تَأْبِيدَ نَفْيِ مَهْرِهَا بِالتَّفْوِيضِ لَا لِلَّتِي (قَدْ فَوَّضَتْ وَاعْتَقَدُوا بِأَنَّ نَفْيَ مَهْرِهَا) بِالتَّفْوِيضِ.

(يُؤَبِّدُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ اسْتِحْقَاقُ وَطْءٍ بِلَا مَهْرٍ، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ

. (لَوْ طَلَّقَ) الْكَافِرُ (الْأُخْتَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا أَيْ: إسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا أُقِرَّا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُنْقَضْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا بِأَنْ انْقَضَتْ مَعَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً، فَلَا شَيْءَ لَهَا) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَابِضَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ سَفِيهَةً بِرّ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةٍ) أَيْ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا وَقِيلَ يُقَدِّرُ الْخَمْرَ خَلًّا وَالْخِنْزِيرَ شَاةً مُقَارِبَةً كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ بِفَرْضِهِ مَالًا فَمَعْنَاهُ أَنَّا نَفْرِضُهُ مَالًا لِيَضْمَنَ ثُمَّ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا بِرّ (قَوْلُهُ: إذَا فَرَضْنَاهُ) أَيْ: فَرَضْنَاهُ كَيْ يَضْمَنَ بِرّ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَقْسِيطِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مِثْلِيٌّ لَوْ فُرِضَ مَالًا الْكَيْلُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الزِّقُّ فَلَوْ أَصْدَقَهَا زِقَّيْ خَمْرٍ فَقَبَضَتْ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ فِي التَّقْسِيطِ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ وَلَا الْعَدَدُ وَلَا الْقِيمَةُ إلَخْ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَشْكَلَ بِمَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَقَبْلَهَا يَعْتَقِدُونَهُ مُؤَقَّتًا، وَمِثْلُهُ لَا يَحِلُّ ابْتِدَاؤُهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُؤَقَّتٍ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ مَعَ التَّأْقِيتِ وَنَحْوِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ؟ قُلْتُ الْفَرْقُ أَنَّ أَثَرَ التَّأْقِيتِ مِنْ زَوَالِ الْعِصْمَةِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْوَقْتِ بَاقٍ فَلَمْ يُنْظَرْ لِاعْتِقَادِهِمْ. اهـ (قَوْلُهُ: قَبَضَتْهُ) أَيْ: قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَبْضُهُ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَعَدَمِهِ وَدَخَلَ فِي قَبْضِهَا قَبْضُ وَلِيِّهَا، وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ. اهـ. ق ل وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ كَعَدَمِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ قَبَضَتْهُ أَيْ: الرَّشِيدَةُ أَوْ قَبَضَهُ وَلِيٌّ غَيْرَهَا. اهـ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ ثُمَّ قَالَ: وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ قَبَضَتْهُ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ بِنَفْسِهَا رَجَعَ لِاعْتِقَادِهِمْ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ

(قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَعَ مُتَقَوِّمٍ أَوْ مِثْلِيًّا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ، وَلَوْ بِسَبَبٍ وَصْفٍ كَخَمْرِ عِنَبٍ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ خَمْرِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُ كَبَوْلٍ وَخَمْرٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. اهـ. وَهُوَ وَجِيهٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: زِقَّيْ خَمْرٍ) أَيْ: اتَّحَدَتْ قِيمَتُهُمَا، وَإِلَّا قُسِّطَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ الْكَيْلُ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعَدَدُ) فَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ نِصْفٌ وَمِنْ الثَّلَاثَةِ ثُلُثٌ، وَهَكَذَا بِدُونِ اعْتِبَارِ قَدْرِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>