للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا قَدْ آمَنَ بِنَبِيِّهَا مُوسَى أَوْ عِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبْلَ التَّحْرِيفِ لِدِينِهِ لِتَمَسُّكِهِ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا، وَلَمَّا كَانَ التَّحْرِيفُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَاقِعًا قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِيمَانِ قَبْلَ النَّسْخِ أَيْضًا فَمِنْ اشْتَرَطَهُ قَصَدَ الْإِيضَاحِ عَلَى أَنَّهُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة، أَمَّا مَنْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا آمَنَ بِنَبِيِّهَا بَعْدَ التَّحْرِيفِ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا تَحِلُّ لَنَا لِفَوْتِ فَضِيلَةِ ذَلِكَ الدِّينِ فِي الْأُولَى وَأَخْذًا بِالْأَغْلَظِ فِي الثَّانِيَةِ، نَعَمْ إنْ تَجَنَّبَ الْمُحَرَّفَ حَلَّتْ وَحَيْثُ حُرِّمَتْ حُرِّمَتْ ذَبِيحَتُهَا أَيْضًا لَكِنَّهَا تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (أَوْ الَّتِي تُعْزَى) أَيْ: تُنْسَبُ (لِإِسْرَائِيلِ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ أَيْ:، وَإِنَّمَا تَحِلُّ الْإِسْرَائِيلِيَّة مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إنْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا آمَنَ بِنَبِيِّهَا. (مِنْ قَبْلِ نَسْخٍ) لِدِينِهِ، وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ لِفَضِيلَةِ دِينِهَا وَشَرَفِ نَسَبِهَا بِخِلَافِ مَنْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا آمَنَ بِنَبِيِّهَا بَعْدَ النَّسْخِ أَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ، وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ حِلُّهَا فِي صُورَةِ الشَّكِّ، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

ــ

[حاشية العبادي]

يُتَأَمَّلُ هَذَا الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ التَّحْرِيفِ مَا وَقَعَ قَبْلَ النَّسْخِ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ بَعْدَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بَعْدَ التَّحْرِيفِ وَقَبْلَ النَّسْخِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّفِ لَا يَحْرُمُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي تَصْوِيرِ مَنْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات مَا نَصُّهُ " مِمَّنْ دَخَلَ قَوْمُهَا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ " أَيْ: وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ وَاجْتَنَبُوا الْمُبَدَّلَ لَا بَعْدَهُمَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَقَبْلَ تَبْدِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُبَدَّلَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ) ذَكَرُوا فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ إذْ عُقِدَ لِزَوْجِهَا أَوْ لِمَنْ شَرَطَ دُخُولَهَا لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَرَابَةٌ أَوْ عُلْقَةٌ، وَلَوْ مُصَاهَرَةً وَكَذَا اسْتِقْلَالًا وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ نَسْخٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ أَيْ: مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات كَمَا مَرَّ، اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى غَيْرُ نَاسِخَةٍ لِشَرِيعَةِ مُوسَى، بَلْ مُخَصِّصَةٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ شَرَفُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِمَ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ نَ فَحَرِّرْهُ.

(قَوْلُهُ: إنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا) أَيْ: أَوَّلَ مَنْ تَدَيَّنَ مِنْهُمْ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا) قَالَ حَجَرٌ: أَيْ: أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ قَالَ سم: فَاعْتِبَارُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَبَعِيَّةُ أَبْنَائِهِ لَهُ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ دُخُولِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مَثَلًا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ دُخُولُ الْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ يَقِينًا مُطْلَقًا أَوْ احْتِمَالًا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَتَبَعِيَّةُ مَنْ بَيْنَهُمَا أَيْ: الْمَنْكُوحَةِ وَبَيْنَهُ أَيْ: الْأَبِ الْمَذْكُورِ لَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فِيهِ، وَلَوْفِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ عِلْمِ عَدَمِ التَّبَعِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: دُخُولُ قَوْمِهَا أَيْ: دُخُولُ أُصُولِهَا سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَالْمُرَادُ اعْتِبَارُ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ: زي، وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ مِمَّنْ بَعُدَ وَفِي حَجَرٍ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ. اهـ أَيْ: فَلَا يَضُرُّ دُخُولُ مَنْ بَعْدَهُ فِيهِ بَعْدَ النَّاسِخَةِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجُوسِيًّا، فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِتَحْرِيمِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَنْ لَا يَحِلُّ وَمَنْ يَحِلُّ أَيْ: إنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِهَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ أَوَّلُ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ أَفَادَهُ ح ل خِلَافًا لِحَجَرٍ وَتَبِعَهُ م ر فِي نُسَخٍ كَتَبَ عَلَيْهَا الرَّشِيدِيُّ دُونَ نُسَخٍ وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا ق ل وَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ زي قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَنْ دَخَلَ قَوْمُهَا أَيْ: آبَاؤُهَا أَيْ: أَوَّلُهُمْ. اهـ (قَوْلُهُ: قَبْلَ النَّسْخِ) أَيْ: بِبَعْثَةِ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ تَجَنَّبَ) أَيْ: يَقِينًا سم. (قَوْلُهُ: تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ) تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ م ر (قَوْلُهُ: لِإِسْرَائِيلَ) أَيْ: يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

(قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ نَسْخٍ لِدِينِهِ) أَيْ: بِشَرِيعَةِ عِيسَى أَوْ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَيْنَهَا فَلَيْسَ نَاسِخًا لِغَيْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَلَا عَدَمُهُ، فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ الزَّبُورَ وَتَمَسُّكُهُ بِهِ مَعَ تَمَسُّكِهِ بِالتَّوْرَاةِ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ التَّمَسُّكَ بِالتَّوْرَاةِ مُقْتَصِرًا عَلَى الزَّبُورِ فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَلَا ذَبِيحَتُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَفَادَهُ س ل وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النَّسْخِ أَنْ يَكُونَ بِشَرِيعَةٍ بِخِلَافِ النَّسْخِ بِمَوْتِ الرُّسُلِ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ مِنْ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَشَرَفِ نَسَبِهَا) أَيْ: بِانْتِهَائِهِ إلَى الْأَنْبِيَاءِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَا يَنْتَهِي نَسَبُهَا إلَى الْأَنْبِيَاءِ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ. (قَوْلُهُ: حِلَّهَا فِي صُورَةِ الشَّكِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَا تَحِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>