للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، (لَا) الَّتِي تُعْزَى. (إلَى التَّعْطِيلِ) ، فَلَا تَحِلُّ وَهَذَا زَادَهُ تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا، فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الْحَصْرِ السَّابِقِ، وَالْمُعَطِّلَةُ قَوْمٌ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ وُجِدَتْ بِأَنْفُسِهَا وَيَنْفُونَ الْخَالِقَ وَالْمُدَبِّرَ. (وَ) لَا (وَثَنِيُّ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ لَهْ) أَيْ: أَحَدُ أَصْلَيْهِ وَالْآخَرُ كِتَابِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا يَحْرُمُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ.

(وَقَرَّرُوا هَذَا) أَيْ: وَثَنِيَّ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ بِالْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَكَوَثَنِيِّ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ فِيمَا ذَكَرَ مَنْ فِي مَعْنَاهُ كَمَجُوسِيَّةٍ

. (وَلَا) تَحِلُّ (مُنْتَقِلَهْ) مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ كَيَهُودِيَّةٍ تَنَصَّرَتْ أَوْ تَوَثَّنَتْ أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهَا أَحْدَثَتْ دِينًا بَاطِلًا بَعْدَ اعْتِرَافِهَا بِبُطْلَانِهِ، سَوَاءٌ أَصَرَّتْ عَلَيْهِ أَمْ عَادَتْ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضِيلَةٌ لِبُطْلَانِهَا بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ وَصَارَتْ كَالْمُرْتَدَّةِ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى لَوْ انْتَقَلَتْ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ كَانَتْ كَمُسْلِمَةٍ ارْتَدَّتْ. (وَحَرُمَتْ) كَالْمَجُوسِ (صَابِئَةٌ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ النَّصَارَى (وَسَامِرَهْ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ. (خَالَفَتْ الْأُصُولَ) أَيْ: خَالَفَتْ الصَّابِئَةُ أُصُولَ دِينِ النَّصَارَى وَالسَّامِرَةُ أُصُولَ دِينِ الْيَهُودِ دُونَ فُرُوعِهِ أَوْ شَكَكْنَا فِي مُخَالِفَتِهَا لَهَا فَإِنْ وَافَقَتْ أُصُولَهُ دُونَ فُرُوعِهِ حَلَّتْ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى صَابِئَةً قِيلَ: نِسْبَتُهَا إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ، وَالثَّانِيَةُ سَامِرَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ، وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَا مَرَّ هُوَ الْمُرَادُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ، وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَرَكَهُمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ، وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، (وَهِيَ) أَيْ: الْمُنْتَقِلَةُ وَالصَّابِئَةُ وَالسَّامِرَةُ الْمُخَالِفَتَانِ لِلْأُصُولِ (مُهْدَرَهْ) كَالْمُرْتَدَّةِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إلَّا الْإِسْلَامُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إهْدَارِ الْمُنْتَقِلَةِ لَا يَقْتَضِي قَتْلَهَا فَوْرًا كَمَا لَا يَقْتَضِيهِ الْأَمْرُ الْمُحْتَجُّ بِهِ عَلَى قَتْلِهَا فِي خَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ أَنَّهَا تُلْحَقُ بِمَأْمَنِهَا كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ ثُمَّ هِيَ كَالْحَرْبِيِّ إنْ ظَفِرْنَا بِهَا قَتَلْنَاهَا

وَتُفَارِقُ مَنْ فَعَلَ مَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُ مِنْ قِتَالٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يُقْتَلُ، وَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَيْنَا بِخِلَافِهَا ضَرَرُهَا عَلَى نَفْسِهَا (وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. (مُقَرَّرَهْ) بِجِزْيَةٍ إذْ لَا كِتَابَ لَهَا، وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ

(وَرِدَّةٌ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَسَبْقُ إسْلَامِ الْمَرَهْ) إسْلَامَ الزَّوْجِ، (وَ) سَبَقَ إسْلَامُ. (الزَّوْجِ) إسْلَامَ الْمَرْأَةِ (لَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا. (يَقَعُ) ذَلِكَ (إنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَسْلَمَ زَوْجُهَا دُونَهَا. (ذَاتَ كِتَابٍ) يَحِلُّ نِكَاحُهَا (يَرْفَعُ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الرِّدَّةِ وَسَبْقِ الْإِسْلَامِ النِّكَاحَ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا وَثَنِيٌّ) إلَّا إنْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا كَمَا حَكَيَاهُ عَنْ النَّصِّ وَأَقَرَّاهُ لِاسْتِقْلَالِهَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بِتَحْرِيمِهَا، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ م ر: وَهُوَ الْأَوْجَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْآخَرُ الْأَبَ. (قَوْلُهُ: خَبَرُ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) هَذَا الْخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ النِّسَاءِ بِخَبَرِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ

. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ كَالْحَرْبِيِّ إنْ ظَفِرْنَا بِهَا قَتَلْنَاهَا) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقَتْلِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اسْتِرْقَاقُهَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَرْكَ قَتْلِهِ مُتَضَمِّنٌ قَبُولَ غَيْرِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ، وَإِقْرَارَهُ عَلَيْهِ مَعَ امْتِنَاعِ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أُرِقَّتْ فَهَلْ نَقُولُ لَا يَثْبُتُ الرِّقُّ أَوْ نَقُولُ يَثْبُتُ؟ لَكِنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ قَتْلِهَا، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ قَتْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مَعْنَى لِلتَّرَدُّدِ فِي اسْتِرْقَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا تُرَقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إنْ ظَفِرْنَا بِهَا قَتَلْنَاهَا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّةَ لَا تُقْتَلُ إلَّا إنْ قَاتَلَتْ وَيَكْفِي أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ إهْدَارِهَا جَوَازَ اسْتِرْقَاقِهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَتْلُهَا عَلَى مَا إذَا قَاتَلَتْ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ ثُمَّ رَأَيْتُ مَنْ حَكَمَ بِالْوَهْمِ عَلَى ذِكْرِ قَتْلِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: يَقَعُ ذَلِكَ) أَيْ: رِدَّتُهُ وَسَبْقُ إسْلَامِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: يَدْفَعُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِذَا انْدَفَعَ نِكَاحُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ لَا إسْلَامِهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهَا لِشَرَفِ الْإِسْرَائِيلِيَّة. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُهْدَرُونَ لَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَبَذَلُوا إلَخْ) هَذَا مِنْ حَمَاقَتِهِ إذْ لَوْ قَتَلَهُمْ لَأَخَذَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ كَالْحَرْبِيِّ إلَخْ) فِي الشَّرْقَاوِيِّ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا يَتَخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا ل زي؛ لِأَنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ لَا يُقِرُّ، وَكَلَامُهُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الرَّجُلِ وَخَالَفَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَجَعَلَ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ. اهـ وَفِي الرَّشِيدِيِّ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ لِآخَرَ مِثْلِهِ يَكُونُ حَالُهُ كَمَا قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ قُتِلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَحَرِّرْ ثُمَّ رَأَيْتُ الْخَطِيبَ عَلَى الْمِنْهَاجِ نَقَلَ مَا قَالَهُ الشَّرْقَاوِيُّ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ حَالُهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ: الْوَطْءِ، وَلَوْفِي الدُّبُرِ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. اهـ. ق ل عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>