ثُمَّ مَلَكَهَا فَرْعُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ إذْ الدَّوَامُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَهَا هُوَ لِمَا مَرَّ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ مَمْلُوكَتِهِ ابْتِدَاءً وَمَلَكَهَا مُكَاتَبَةً؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِمِلْكِ مُكَاتَبِهِ فَوْقَ تَعَلُّقِ الْأَبِ بِمِلْكِ فَرْعِهِ فَأَشْبَهَ حُدُوثَ مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَوْ أَوْلَدَهَا الْأَبُ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا فَرْعُهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ لِرِضَاهُ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ فَهُوَ وَاطِئٌ بِهِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَيَجُوزُ نِكَاحُ مَمْلُوكَةِ فَرْعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْ مِلْكِهِ وَمِلْكِهَا وَمِلْكِ مُكَاتَبِهِمَا وَمِلْكِ فَرْعِهِ. (بَعْضًا) ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ بَعْضُهُ الْآخَرُ حُرًّا أَمْ مِلْكَ غَيْرِهِ
. (وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَنْكِحُهَا) أَيْ: يَنْكِحُ أَمَتَهُ. (عَلَّقَ سَبْقَ عِتْقِ ذِي) أَيْ: أَمَتِهِ. (بِهِ) أَيْ: بِنِكَاحِهَا (كَأَنْ يَقُولَ: إنْ نَكَحْتُكِ بِصِحَّةٍ فَقَبْلَهُ أَعْتَقْتُكِ) يَعْنِي إنْ نَكَحْتُكِ نِكَاحًا صَحِيحًا فَأَنْتِ عَتِيقَةٌ قَبْلَهُ. (ثُمَّ النِّكَاحُ بَعْدَ هَذَا) الْقَوْلِ. (يَجْرِي) بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، فَلَا يَصِحُّ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا وَعَلَّلَهُ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ فِي حَالِ النِّكَاحِ شَاكٌّ فِي حُرِّيَّتِهَا فَصَارَ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهُ لِشَهْرٍ وَأَرَادَ نِكَاحَهَا فِي الْحَالِ، وَذِكْرُهُمَا الشَّهْرَ فِي هَذِهِ مِثَالٌ كَذِكْرِ الْيَوْمِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ فِي تِلْكَ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ: فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ
وَقَوْلُهُمَا: فِي الْحَالِ مِثَالٌ، وَأَيْضًا الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ نِكَاحَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِالنِّكَاحِ الْعِتْقَ لَا سَبْقَهُ كَقَوْلِكَ إنْ نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ أَيْضًا، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ سَبْقِهِ لِلْخِلَافِ فِيهَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: بِصِحَّتِهِ فِيهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً لِوُثُوقِ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ أَمَتَهُ وَنِكَاحِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تُوَافِقُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى التَّزْوِيجِ، وَالتَّصْوِيرُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولُ: إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَأَمَتَيْنِ) أَيْ: جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ. (حَرَّمُوا لِلْحُرِّ) أَيْ: عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ. (وَ) حُرِّمَ عَلَى الْحُرِّ. (بَدْؤُهُ) نِكَاحًا (لِأَمَةٍ لَوْ حُرَّهْ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ (حَصَّلَ) أَيْ: نَكَحَهَا لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا تَصْلُحُ لَهُ بِأَنْ لَا يَتَيَسَّرَ التَّمَتُّعُ بِهَا كَطِفْلَةٍ وَهَرِمَةٍ وَغَائِبَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَمَجْذُومَةٍ وَبَرْصَاءَ وَرَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ وَمُضْنَاةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الْمُهَذَّبِ وَالْقَاضِي وَلِقَطْعِ ابْنِ الصَّبَّاغِ
ــ
[حاشية العبادي]
أَمَةُ فَرْعِهِ النَّسِيبِ، وَإِنْ سَفَلَ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ إعْفَافُهُ اهـ وَقَيَّدَهُ ح ج وم ر بِالْمُوسِرِ قَالَا: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ نِكَاحَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ) إذْ لَا يُمْكِنُ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ عَلَى الْحُرِّ إلَخْ) خَرَجَ الرَّقِيقُ وَسَيَأْتِي قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا بُدَّ فِي نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ زِنًا وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ وَفِي هَامِشِ الْمُحَلَّى بِخَطِّ شَيْخِنَا مَا نَصُّهُ " هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَمْنَ الزِّنَا وَالْيَسَارِ إذَا قَارَنَا عَقْدَ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَقْدَحُ إلَّا إنْ كَانَ مُقَارِنًا بَعْدَ ذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ " فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْكَافِرِ، وَإِلَّا لَأَثَّرَ عِنْدَ مُقَارَنَةِ الْعَقْدِ مَعَ أَحَدِ الْإِسْلَامَيْنِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُفْسَدَاتِ كَالْعِدَّةِ وَنَحْوِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَمَةٍ) يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ وَالْأَيِسَةَ وَمَنْ عَلَّقَ سَيِّدُهَا عِتْقَ أَوْلَادِهَا بِصِفَةٍ كَوِلَادَتِهَا، وَوَجْهُ هَذَا انْعِقَادُ الْأَوْلَادِ عَلَى الرِّقِّ. (قَوْلُهُ: كَطِفْلَةٍ وَهَرِمَةٍ إلَخْ) وَكَمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَغَائِبَةٍ) يَنْبَغِي ضَبْطُ الْغَيْبَةِ بِمَا يَأْتِي فِي الْغَائِبَةِ الَّتِي لَيْسَتْ تَحْتَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَصْلُحُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الْمِلْكِ، وَلَوْ مُزَلْزَلًا بِخِلَافِ طُرُوُّ الْمِلْكِ عَلَى النِّكَاحِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا إنْ كَانَ تَامًّا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ دَوَامٌ وَفِي الْأَوَّلِ ابْتِدَاءٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ فُسِخَ الشِّرَاءُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّةُ النِّكَاحِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ: فِيمَا بَعْدُ كَذَا فَرَّقَ ع ش فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مَلَكَهَا هُوَ) أَيْ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَمْلِكَهَا مِلْكًا تَامًّا أَيْ: لَا خِيَارَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُوَافِقُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْفَوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي زَمَنِهِ لِمَنْ انْفَرَدَ بِهِ. اهـ. ق ل أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَلَا مِلْكَ أَصْلًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مَلَكَهَا إلَخْ) أَيْ: مِلْكًا تَامًّا لَا خِيَارَ فِيهِ لَهُ فَلَوْ مَلَكَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ فَسَخَ فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ