قال ابن عباس: قل، يا محمد لهؤلاء المشركين:{أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ}[الأنعام: ٤٠] يريد: الموت {أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ}[الأنعام: ٤٠] القيامة {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ}[الأنعام: ٤٠] يريد: إلى من تتضرعون؟ إلى هذه الأصنام.
يريد: إنكم عند العذاب وعند الموت والشدائد تخلصون وتوحدون، وأنتم اليوم لا تصدقونني، احتج الله عليهم بما لا يدفعون، لأنهم كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله ولم يلجأوا في كشفه إلا إليه، لأنه لا يملك كشف البلاء إلا هو.
وقوله:{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[الأنعام: ٤٠] جواب قوله: أرأيتكم لأنه بمعنى أخبروني، كأنه قيل لهم: إن كنتم صادقين أخبروني من تدعون عند نزول البلاء بكم؟ {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ}[الأنعام: ٤١] نفى دعاءهم غير الله في الشدائد، وأثبت دعاءهم إياه، {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ}[الأنعام: ٤١] أي: فيكشف الضر الذي من أجله دعوتموه {إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ}[الأنعام: ٤١] تتركونهم فلا تدعونهم لأنه ليس عندهم نفع ولا ضر.
قال الزجاج: أعلم الله نبيه أنه قد أرسل قبله إلى قوم بلغوا من القسوة إلى أن أخذوا بالشدة في أنفسهم وأموالهم فلم يخضعوا ولم يتضرعوا، وهو قوله:{وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}[الأنعام: ٤٣] ، فأقاموا على كفرهم، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام: ٤٣] قال ابن عباس: زين لهم الشيطان الضلالة التي هم عليها، فأصروا على معاصي الله.