ولهذا لما نزلت بالمسلمين فاقة في إحدى السنوات لم يقل تصدقوا بالطعام أو تصدقوا بالدراهم بل قال: اذبحوا لكن لا تدخروا فوق ثلاث. وفي العام الثاني لما زالت الفاقه قال: كلوا وادخروا ما شئتم.
فالمهم أنه يجب على طلبة العلم أن ينبهوا الناس على أن الذبح نفسه عبادة عظيمة؛ ولهذا قرنه الله بالصلاة في قوله «فصل لربك وانحر» فلا ينبغي أن ترسل الشعائر تقام هناك وتترك الشعيرة هنا ولهذا كان من حكمة الله أن البلاد غير مكة تقام فيها هذه الشعيرة وهي التقرب إلى الله بالذبح لكن في مكة هدي وفي غيرها أضاحٍ.
وإذا كان يحب أن ينفع إخوانه في الجهة الأخرى فليرسل إليهم دراهم صدقة تطوعاً لله عز وجل. فهذه مسألة ينبغي أن يتنبه لها.
١٣٤ - وفيه دليل على تأكد الأكل من الهدي، لأنه عليه الصلاة والسلام أمر من كل بدنه بقطعة وكان يكفيه أن يأخذ من بدنه واحدة يأكل ما شاء لكن تحقيقا لقوله تعالى:{فكلوا منها}(١) .