أتى المزدلفة. وبين عرفة ومزدلفة مسافة كثيرة والرسول صلى الله عليه وسلم قد شنق للقصواء الزمام وهو يقول للناس: السكينة السكينة وهذه المسافة لا شك أنها ستستوعب مدة صلاة المغرب فلم يصل إلا بعد دخول وقت صلاة العشاء لا سيما وأنه وقف في أثناء الطريق وبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً كما في حديث أسامة رضي الله عنه (١) .
إذاً جَمْعُ الرسول صلى الله عليه وسلم كان جمعَ تأخير ولهذا قال العلماء رحمهم الله يسن أن يجمع في مزدلفة جمع تأخير وقيد بعضهم ذلك فقال: إن لم يوافها وقت المغرب يعني فإن وافاها وقت المغرب فإنه يصلي المغرب في وقتها.
وقوله:«بأذان واحد وإقامتين» وهذا هو الصحيح في الجمع أنه أذان واحد للصلاتين جميعا وإقامتان، لكل صلاة إقامة، والمؤذن بلال رضي الله عنه فالأذان للإعلام بحضور وقت الصلاة وهو للمجموعتين وقت واحد. والإقامة للإعلام بالقيام للصلاة ولكل صلاة قيام خاص.
وقوله:«ولم يسبح بينهما شيئاً» يسبح أي: يصلي والصلاة تسمى تسبيحاً من باب إطلاق البعض على الكل وأطلق التسبيح عليها لأن التسبيح ركن فيها أو واجب فيها
(١) أخرجه البخاري في الوضوء / باب إسباغ الوضوء (١٣٩) ومسلم في الحج / باب الإفاضة من عرفات (١٢٨٠) .