للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِيهِ بِالنَّهَارِ عَلَى قُرْبٍ مِنْهُ، وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَاحِدَةٍ، وَكَذَا الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَلَا يَشْتَبِهُ.

بِسَرِقَتِهِ الْحَمْرَاءَ وَالْآخَرُ سَوْدَاءَ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : تُقْبَلُ وَيُقْطَعُ، وَقَالَا هُمَا وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ عَيَّنَ لَوْنًا كَحَمْرَاءَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَوْدَاءَ لَمْ يُقْطَعْ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ كَذَّبَ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّعِي لَوْنًا بَيْنَ كَوْنِ اللَّوْنَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَا فِيهِمَا مُتَقَارِبَيْنِ كَالسَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ أَوْ مُتَبَاعِدَيْنِ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ. وَقِيلَ فِي الْمُتَبَاعِدَيْنِ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَهُ وَذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ، وَعَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ لَوْ ادَّعَى سَرِقَةَ ثَوْبٍ مُطْلَقًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا هَرَوِيٌّ وَالْآخَرُ مَرْوِيٌّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَمْ تُقْبَلْ إجْمَاعًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ بِقَلِيلِ تَأَمُّلٍ. لَهُمَا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَلَمْ يُوجَدْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابُ شَهَادَةٍ فَكَانَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي ذُكُورَتِهَا وَأُنُوثَتِهَا أَوْ فِي قِيمَتِهَا لَا تُقْبَلُ كَذَا هَذَا. وَأَيْضًا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فِي الْغَصْبِ فَإِنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى غَصْبِ بَقَرَةٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَوْدَاءُ أَوْ حَمْرَاءُ وَالْآخَرُ بَيْضَاءُ لَمْ تُقْبَلْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ قَبُولُهَا إثْبَاتَ حَدٍّ فَلَأَنْ لَا تُقْبَلَ فِيمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْلَى لِأَنَّ الْحَدَّ أَعْسَرُ إثْبَاتًا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ. وَأَمَّا مَا زِيدَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَلَيْسَ مِمَّا فِيهِ الْكَلَامُ: أَعْنِي السَّرِقَةَ بَلْ يَخُصُّ الزِّنَا.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِمَا بِسَرِقَةِ بَقَرَةٍ وَهُوَ الْمُدَّعَى بِهِ بِلَا ذِكْرِ الْمُدَّعِي لَوْنًا خَاصًّا يَثْبُتُ الْحَدُّ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَلْ وَقَعَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكَلَّفَا عِلْمَ لَوْنِهَا، فَإِنَّهُمَا لَوْ قَالَا لَا نَعْلَمُ لَوْنَهَا لَا تَسْقُطُ شَهَادَتُهُمَا وَيَجِبُ الْحَدُّ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي أَمْرٍ زَائِدٍ لَا يَلْزَمُهُمَا مِمَّا لَيْسَ مُدَّعًى بِهِ لَا يُبْطِلُ الْحَدَّ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي ثِيَابِ السَّارِقِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَهَا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَحْمَرُ وَقَالَ الْآخَرُ أَبْيَضُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانٍ الزِّنَا مِنْ الْبَيْتِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي هَذِهِ الزَّاوِيَةِ وَقَالَ الْآخَرُ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ فِي قَبُولِهَا إلَى التَّوْفِيقِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>