للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا قُطِعَ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بَقَرَةً وَقَالَ الْآخَرُ ثَوْرًا لَمْ يُقْطَعْ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَقَالَا: لَا يُقْطَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ) جَمِيعًا، وَقِيلَ الِاخْتِلَافُ فِي لَوْنَيْنِ يَتَشَابَهَانِ كَالسَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ لَا فِي السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَقِيلَ هُوَ فِي جَمِيعِ الْأَلْوَانِ. لَهُمَا أَنَّ السَّرِقَةَ فِي السَّوْدَاءِ غَيْرُهَا فِي الْبَيْضَاءِ فَلَمْ يَتِمَّ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَصَارَ كَالْغَصْبِ بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ أَمْرَ الْحَدِّ أَهَمُّ وَصَارَ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ. وَلَهُ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِي اللَّيَالِي مِنْ بَعِيدٍ وَاللَّوْنَانِ يَتَشَابَهَانِ أَوْ يَجْتَمِعَانِ فِي وَاحِدٍ فَيَكُونُ السَّوَادُ مِنْ جَانِبٍ وَهَذَا يُبْصِرُهُ وَالْبَيَاضُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ وَهَذَا الْآخَرُ يُشَاهِدُهُ

ادَّعَى الْفِعْلِ فِي الْحَالِ وَهُمْ شَهِدُوا بِهِ فِي الْمَاضِي فَلَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وَفَّقَ وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْمُطْلَقِ الْفِعْلَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقِيلَ تُقْبَلُ فِي هَذَا مِنْ غَيْرِ تَوْفِيقٍ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ أَكْثَرُ وَأَقْوَى مِنْ الْمُؤَرَّخِ فَقَدْ شَهِدُوا بِأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَى بِهِ فَتُقْبَلُ انْتَهَى فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مِنْ الْفِعْلِ الْقَبْضُ.

وَمِنْ الْفُرُوعِ

عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ ادَّعَى الشِّرَاءَ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ فَشَهِدُوا بِهِ أَمْسِ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ، وَلَوْ ادَّعَى النِّكَاحَ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ فَشَهِدُوا بِهِ أَمْسِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْفِعْلَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَرِيبٍ، هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ رِوَايَتِهِ، اخْتِلَافُهُمَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ يَمْنَعُ فِي الْكُلِّ إلَّا إذَا شَهِدَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ الْآخَرُ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ،

وَإِذَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ بِالْقَبْضِ جَازَتْ.

وَلَوْ ادَّعَى الْبَيْعَ وَشَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ قُبِلَتْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ تُقْبَلُ لِأَنَّ لَفْظَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ فَلَمْ يَثْبُتْ اخْتِلَافُ الْمَشْهُودِ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَفِيهِ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: لَوْ سَكَتَ شَاهِدَا الْبَيْعِ عَنْ بَيَانِ الْوَقْتِ فَسَأَلَهُمَا الْقَاضِي فَقَالَا لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكَلَّفَا حِفْظَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا شَهِدَا إلَخْ) صُورَتُهَا: ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ بَقَرَةً وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا لَوْنًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>