للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ السَّبَبِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَلَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ،

فَهِمَهُ الْعَلَّامَةُ السَّرَخْسِيُّ، غَيْرَ أَنَّا تَبَرَّعْنَا بِالتَّوْفِيقِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ السَّرِقَةَ تَكُونُ غَالِبًا لَيْلًا وَنَظَرُ الشَّاهِدِ إلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ، وَذَلِكَ سَبَبُ اشْتِبَاهِ اللَّوْنِ إذَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ كَالسَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ وَإِنْ كَانَا مُتَبَاعِدَيْنِ فِي الْبَلْقَاءِ فَيَرَى كُلٌّ لَوْنًا غَيْرَ الْآخَرِ فَيُحْمَلُ اخْتِلَافُهُمَا عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَارِبَيْنِ، وَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ فِي الْمُتَبَاعِدَيْنِ. بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ يَقَعُ نَهَارًا فَلَا اشْتِبَاهَ فِيهِ، وَبِخِلَافِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لِأَنَّهُمَا يُكَلَّفَانِ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ لِتُعْلَمَ الْقِيمَةُ فَيُعْلَمَ أَنَّ الْمَسْرُوقَ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ لَا، وَلِأَنَّ ذِكْرَهُ الذُّكُورَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ مِنْ قَرِيبٍ وَتَحَقَّقَ بِحَيْثُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْحَالُ فَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ التَّوْفِيقُ، فَالِاخْتِلَافُ وَإِنْ كَانَ فِي زِيَادَةٍ فَقَدْ شَغَبَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ لَيْسَ احْتِيَاطًا لِإِثْبَاتِ الْحَدِّ، كَمَا لَمْ يَكُنْ التَّوْفِيقُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي مَكَانِ الزِّنَا مِنْ الْبَيْتِ بِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْتَقِلَانِ بِحَرَكَةِ الْوَطْءِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان احْتِيَاطًا لِإِثْبَاتِهِ، وَلَا أَنَّ وَجْهَ قَوْلِهِمَا أَدَقُّ وَأَحَقُّ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا ظَنَّهُ صَاحِبُ الْأَسْرَارِ. وَمَا قِيلَ إنَّ التَّوْفِيقَ لِإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَاجِبٌ فَيُفْعَلُ ثُمَّ يَجِبُ الْحَدُّ حِينَئِذٍ ضَرُورَةَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ حِينَئِذٍ إنْ لَمْ يَصِحَّ مَنْعُ وُجُوبِهِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ وُجُوبَ حَدٍّ

(قَوْلُهُ وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ إلَخْ) صُورَتُهَا عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَيُنْكِرُ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِأَلْفٍ وَشَاهِدًا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ هَذَا بَاطِلٌ إلَى آخِرِ مَا هُنَاكَ، فَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ قَضَى بِأَلْفٍ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَهُنَا لَا تُقْبَلُ فِي شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى دَيْنًا فَقَطْ وَالْمَقْصُودُ هُنَا دَعْوَى الْعَقْدِ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي الْجَامِعِ فَيُنْكِرُ الْبَائِعُ الْبَيْعَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الدَّيْنَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ السَّبَبِ، وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ أَرْكَانِهِ، وَالْمُرَكَّبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>