للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ.

قَالَ (ثُمَّ التَّزْكِيَةُ فِي السِّرِّ أَنْ يَبْعَثَ الْمَسْتُورَةَ إلَى الْمُعَدِّلِ فِيهَا النَّسَبُ وَالْحَلْيُ وَالْمُصَلَّى وَيَرُدُّهَا الْمُعَدِّلُ) كُلُّ ذَلِكَ فِي السِّرِّ كَيْ لَا يَظْهَرَ فَيُخْدَعَ أَوْ يُقْصَدَ (وَفِي الْعَلَانِيَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمُعَدِّلِ وَالشَّاهِدِ) لِتَنْتَفِي شُبْهَةُ تَعْدِيلِ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَتْ الْعَلَانِيَةُ وَحْدَهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ الِاكْتِفَاءُ بِالسِّرِّ فِي زَمَانِنَا تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ.

أَفْتَيَا فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ فَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ تُوُفِّيَ فِي عَامِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَكَيْفَ أَفْتَى فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ.

وَقَوْلُهُ خَيْرُ الْقُرُونِ إلَخْ إثْبَاتُ الْخَيْرِيَّةِ بِالتَّدْرِيجِ وَالتَّفَاوُتِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ فِي الزَّمَانِ الْمُتَأَخِّرِ غَلَبَةَ الْفِسْقِ، وَالظَّاهِرُ الَّذِي يَثْبُتُ بِالْغَالِبِ أَقْوَى مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَثْبُتُ بِظَاهِرِ حَالِ الْإِسْلَامِ. وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَطَعْنَا بِغَلَبَةِ الْفِسْقِ فَقَدْ قَطَعْنَا بِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ الْتَزَمَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَجْتَنِبْ مَحَارِمَهُ فَلَمْ يَبْقَ مُجَرَّدُ الْتِزَامِ الْإِسْلَامِ مَظِنَّةَ الْعَدَالَةِ فَكَانَ الظَّاهِرُ الثَّابِتُ بِالْغَالِبِ بِلَا مُعَارِضٍ.

[فَرْعٌ]

لَوْ تَابَ الْفَاسِقُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ تَمْضِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ سَنَةٌ، وَلَوْ كَانَ عَدْلًا فَشَهِدَ بِالزُّورِ ثُمَّ تَابَ فَشَهِدَ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ مُدَّةٍ

(قَوْلُهُ ثُمَّ التَّزْكِيَةُ فِي السِّرِّ أَنْ يَبْعَثَ الْمَسْتُورَةَ) وَهِيَ الْوَرَقَةُ الَّتِي يَكْتُبُ فِيهَا الْقَاضِي أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَنَسَبَهُمْ وَحَالَهُمْ وَالْمُصَلَّى: أَيْ مَسْجِدَ مَحَلَّتِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَارَ إلَّا مُعَدِّلًا صَالِحًا زَاهِدًا كَيْ لَا يُخْدَعَ بِالْمَالِ مَأْمُونًا أَعْظَمَ مَنْ يَعْرِفُهُ فِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ أَهْلَ مَحَلَّتِهِمْ وَسُوقِهِمْ وَمَنْ يَعْرِفُهُمْ، وَيَكُونُ الْمُزَكِّي صَاحِبَ خِبْرَةٍ بِالنَّاسِ مُدَاخِلًا لَهُمْ لَا مُنْزَوِيًا عَنْهُمْ، فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْمُخَالَطَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَهْلَ مَجْلِسِهِ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، فَإِنْ وَجَدَهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ يَعْتَبِرُ تَوَاتُرَ الْأَخْبَارِ.

وَعَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يَجُوزُ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ إذَا كَانُوا عُدُولًا، وَلَا يَجُوزُ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ إلَّا مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>