للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ : تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ. ثُمَّ قِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُعَدَّلُ، وَقِيلَ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ هُوَ عَدْلٌ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ وَهَذَا أَصَحُّ. .

قَالَ (وَفِي قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْخَصْمِ إنَّهُ عَدْلٌ) مَعْنَاهُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَزْكِيَتُهُ، لَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضُمُّ تَزْكِيَةَ الْآخَرِ إلَى تَزْكِيَتِهِ لِأَنَّ الْعَدَدَ عِنْدَهُ شَرْطٌ. وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَشُهُودِهِ أَنَّ الْخَصْمَ كَاذِبٌ فِي إنْكَارِهِ مُبْطَلٌ فِي إصْرَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ مُعَدِّلًا، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ نَسُوا، أَمَّا إذَا قَالَ صَدَقُوا أَوْ هُمْ عُدُولٌ صَدَقَةٌ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ.

تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا إلَّا لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فَقَطْ، لِأَنَّ تَزْكِيَةَ السِّرِّ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي الْأَمْرِ الدِّينِيِّ إذَا كَانَ عَدْلًا كَمَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ لِلْأَخْبَارِ، فَإِذَا قَالَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ عَدْلٌ كَتَبَ الْمُزَكِّي هُوَ عَدْلٌ مَرَضِيٌّ مَقْبُولٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ، وَإِلَّا يَكْتُبُ هُوَ غَيْرُ عَدْلٍ.

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: إنْ عَرَفَ فِسْقَهُ لَا يَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ ذَلِكَ بَلْ يَسْكُتُ احْتِرَازًا عَنْ الْهَتْكِ، أَوْ يَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ، إلَّا إذَا خَافَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَيُصَرِّحُ حِينَئِذٍ بِذَلِكَ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ لَا بِعَدَالَةٍ وَلَا بِفِسْقٍ يَكْتُبُ مَسْتُورٌ ثُمَّ يَرُدُّ الْمَسْتُورَةَ مَعَ أَمِينِ الْقَاضِي إلَيْهِ كُلُّ ذَلِكَ فِي السِّرِّ كَيْ لَا يَظْهَرَ الْأَمْرُ فَيُخْدَعَ الْمُزَكِّي أَوْ يُقْصَدَ بِالْأَذَى.

وَأَمَّا الْعَلَانِيَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمُعَدِّلِ لِتَنْتَفِي شُبْهَةُ تَعْدِيلِ الْمُعَدِّلِ لِغَيْرِ هَذَا الشَّاهِدِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ الْقَاضِي إذْ قَدْ يَتَّفِقُ اسْمٌ وَشُهْرَةٌ وَصِفَةٌ لِاثْنَيْنِ، وَقَدْ كَانَتْ الْعَلَانِيَةُ وَحْدَهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمْ كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الصَّبْرُ لِلْحَقِّ، وَوَقَعَ الِاكْتِفَاءُ بِالسِّرِّ فِي زَمَانِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>