للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَمْلِكُهُ الْمُسَلَّطُ، وَلَوْ كَانَ فَسَخَ فِي حَالِ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَبَلَغَهُ فِي الْمُدَّةِ تَمَّ الْفَسْخُ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ، وَلَوْ بَلَغَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ تَمَّ الْعَقْدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ.

وَفْقِ مَا تَرَجَّحَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، لَكِنَّا نُورِدُهَا بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ تَمَامِ الدَّلِيلِ: فَمِنْهَا أَنَّ الْمُخَيَّرَةَ يَتِمُّ اخْتِيَارُهَا لِنَفْسِهَا بِلَا عِلْمِ زَوْجِهَا وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ لُزُومَ حُكْمِ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجِ بِإِيجَابِهِ نَفْسِهِ وَهُوَ تَخْيِيرُهُ وَهُوَ بَعْدَ الرِّضَا وَالْعِلْمِ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ إثْبَاتَ خِيَارِ الْفَسْخِ بِمَنْزِلَةِ إثْبَاتِ خِيَارِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِإِيجَابِهِ فَيَجُوزُ حَالَ غَيْبَتِهِ فَكَذَا الْفَسْخُ بِإِيجَابِهِ فَيَجُوزُ حَالَ غَيْبَتِهِ. وَمِنْهَا الرَّجْعَةُ يَنْفَرِدُ بِهَا الزَّوْجُ وَيَلْزَمُ حُكْمُهَا الْمَرْأَةَ، حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ فُسِخَ إذَا أَثْبَتَ الرَّجْعَةَ قَبْلَهَا

أُجِيبَ بِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُلْزِمُهَا حُكْمًا جَدِيدًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَرْفَعُ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا يُثْبِتُ الْبَيْنُونَةَ عِنْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ بِشَرْطِ عَدَمِ الرَّجْعَةِ فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَكْشِفَ شَرْطَ تَصَرُّفِهَا هَلْ هُوَ مَوْجُودٌ أَوْ لَا. وَمِنْهَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ، فَإِنَّ حُكْمَهَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ بِلَا عِلْمِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا إسْقَاطَاتٌ لَا يَلْزَمُ بِهَا شَيْءٌ مَنْ أُسْقِطَ عَنْهُ فَلَا يَتَوَقَّف عَلَى عِلْمِهِ. وَمِنْهَا خِيَارُ الْمُعْتَقَةِ يَصِحُّ اخْتِيَارُهَا الْفُرْقَةَ بِلَا عِلْمِ زَوْجِهَا. أُجِيبَ لَا رِوَايَةَ فِيهَا. وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَالتَّخْيِيرُ أَثْبَتَهُ لَهَا الشَّرْعُ مُطْلَقًا وَلَا الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ، فَإِنَّ كَوْنَ الشَّرْعِ أَثْبَتَ حُكْمَ التَّصَرُّفِ عَلَى الْآخَرِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْعَ لَا يُوقِفُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ عَلَى عِلْمِ الْآخَرِ فِي ثُبُوتِ حُكْمِهِ فِي حَقِّهِ. فَإِنْ قُلْت: فَمَا الضَّرَرُ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَوَّلًا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى جَوَابِهِ؟ قُلْنَا: امْتِنَاعُهُ عَنْ تَزَوُّجِ أَمَةٍ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ نِكَاحِ الَّتِي أُعْتِقَتْ. وَمِنْهَا خِيَارُ الْمَالِكِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ بِدُونِ عِلْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. أُجِيبَ بِأَنَّ عَقْدَهُمَا لَا وُجُودَ لَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ، فَإِذَا رُدَّ فَقَدْ بَقِيَ عَدَمُ شَرْطِ الثُّبُوتِ فَانْعَدَمَ أَصْلًا فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الِانْعِقَادُ حُكْمًا. وَمِنْهَا الْعِدَّةُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِتَطْلِيقِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَجِبُ بِالطَّلَاقِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ نَفَاذُ الطَّلَاقِ عَلَى عِلْمِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِدَّةُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَلْ الطَّلَاقُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِإِزَالَةِ مِلْكٍ أَقْدَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ وَالْعِبْرَةُ لِلْمُتَضَمِّنِ لَا لِلْمُتَضَمَّنِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ جَوَازُ الْفَسْخِ لَهُ بِتَسَلُّطِ صَاحِبِهِ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ عُرِفَ مَا فِيهِ. [فُرُوعٌ]

اشْتَرَيَا غُلَامًا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَا رَدَّ لِلْآخَرِ عِنْدَهُ. وَقَالَا عِنْدَهُ. وَقَالَا لَهُ رَدُّ نَصِيبِهِ. وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْعَاقِدَيْنِ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي أَجَزْته ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي: فَسَخْته بِحُضُورِهِ انْفَسَخَ، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ الثَّمَنُ، وَلَوْ بَدَأَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ ثُمَّ الْبَائِعُ بِالْإِجَازَةِ ثُمَّ هَلَكَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ، وَلَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرَّدِّ يَبْطُلُ حُكْمُ الْفَسْخِ ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبِي. وَفِي الْفَتَاوَى: بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ نَقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ تَبْقَى الْأَرْضُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُشْتَرِي وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فِي زِرَاعَتِهَا تَصِيرُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مَتَى شَاءَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَرَعَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ كَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَقِيَ الْبَائِعَ فَقَالَ لَهُ نَقَضْت الْبَيْعَ وَرَدَدْت الْعَبْدَ عَلَيْك فَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعَبْدُ مَرِيضٌ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ، وَإِنْ صَحَّ فِيهَا فَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى مَضَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الرَّدِّ الَّذِي كَانَ مِنْهُ. وَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ وَيُمْضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>