للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى وَرَثَتِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ ثَابِتٌ فِي الْبَيْعِ فَيَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ. وَلَنَا أَنَّ الْخِيَارَ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً وَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ، وَالْإِرْثُ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ.

الْبَيْعَ جَازَ وَطَابَ لَهُ إذْ حَاصِلُهُ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ وَيَحُطَّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا أَوْ يُعْطِيَهُ هَذَا الْعَرَضَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَبِيعِ أَوْ حَطٌّ مِنْ الثَّمَنِ؛ وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَاعَهُ مُطْلَقًا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَمَرَهُ مُطْلَقًا فَبَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْآمِرِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ صَحَّ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ تَوْكِيلًا صَحِيحًا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْصِيلِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْآمِرِ يَنْفُذْ عَلَى الْمَأْمُورِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا نَفَذَ عَلَى الْعَاقِدِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَطَلَ خِيَارُهُ) بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا (وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى وَرَثَتِهِ) وَإِذَا بَطَلَ خِيَارُهُ يَلْزَمُ الْبَيْعُ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ دَخَلَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِ وَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي دَخَلَ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ وَرَثَتِهِ وَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ فِي التَّرِكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ. وَقُيِّدَ بِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْعَاقِدُ الَّذِي لَا خِيَارَ لَهُ فَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ أَمْضَى مَضَى وَإِنْ فَسَخَ انْفَسَخَ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُورَثُ عَنْهُ) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ عَلَى مَا هُوَ فِي كُتُبِهِمْ الْمَشْهُورَةِ (؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْخِيَارُ (حَقٌّ) لِلْإِنْسَانِ (لَازِمٌ) حَتَّى إنَّ صَاحِبَهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ (فَيَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ) فَإِنَّهُمَا يُورَثَانِ بِالِاتِّفَاقِ (وَلَنَا أَنَّ الْخِيَار لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ)؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ شَخْصِيٌّ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ (وَالْإِرْثُ فِيمَا) يُمْكِنُ (فِيهِ الِانْتِقَالُ) وَهُوَ الْأَعْيَانُ، وَلَفْظُ مَشِيئَةٍ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ، وَمَا فِي الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ وَتَقْدِيرُهُ أَنَّ الْخِيَارَ لَيْسَ شَيْئًا إلَّا مَشِيئَةً مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنْ يُقَدَّرَ الْمَعْمُولُ غَيْرَ مَا فَرَغَ الْعَامِلُ لَهُ وَيُجْعَلَ مَا بَعْدَ إلَّا بَدَلَهُ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُفَرَّغَ لَهُ هُوَ الْمَعْمُولُ، فَفِي مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ زَيْدٌ فَاعِلٌ، بِخِلَافِ مَا قَاسُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>