لحق الله تَعالَى، فلا يجوز للإمام تركه؛ فوجوب القتل عندنا حق للآدمي وانحتامه حق لله تَعالَى. وقال بعض الناس: لا يتحتم القتل، بل إن شاء الولي قتل، وإن شاء عفا عنه، كالقتل في غير المحاربة.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المائدة: ٣٣] الآية [المائدة: ٣٣] . فعين القتل، فمن قال: إنه على التخيير.. خالف ظاهر الآية. ولأن الله تَعالَى ذكر القتل هاهنا وأطلقه ولم يضفه إلى ولي المقتول، فلو كان ذلك إلى اختيار ولي المقتول.. لأضافه إليه، كما أضاف إليه القتل في غير المحاربة في قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}[الإسراء: ٣٣][الإسراء: ٣٣] فعلم أن المخاطب بالقتل في المحاربة هم الأئمة دون الأولياء. ورُوِيَ «عن ابن عبَّاس: أنه قال: (نزل جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالحد فيهم: أن من قتل ولم يأخذ المال.. قتل» . والحد لا يكون إلا حتما، ولا مخالف له من الصحابة. ولأن ما أوجب عقوبة في غير المحاربة.. تغلظت العقوبة فيه بالمحاربة، كأخذ المال.
وإن قتل المحارب من لا يكافئه.. فهل يجب قتله به؟ فيه قولان مَضَى ذكرهما في (الجنايات) . الصحيح: لا يجب. هذا نقل أصحابنا العراقيين، وقال الخراسانيون: هل القتل في المحاربة حق لله تَعالَى أو للآدمي؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه حق لله لا حق للآدمي فيه، إذ لو كان حقا للآدمي.. لسقط بعفوه، ولا خلاف أنه لا يسقط بعفوه.
والثاني: أنه حق للآدمي؛ لأن القصاص في غير المحاربة حق للآدمي.. فلأن يكون له في المحاربة أولى، إلا أن انحتام القتل وجب تغليظا عليه؛ لقطعه الطريق.