فإن لم ينصرف؟ فإن قصد إلى استماع المنكر.. أثم بذلك. وإن لم يقصد إلى استماعه، بل سمعه من غير قصد.. لم يأثم بذلك؛ لما روى نافع - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:(كنت أسير مع ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وأرضاهما -، فسمع زمارة راع، فوضع إصبعيه في أذنيه، ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول: أتسمع يا نافع؟ حتى قلت: لا، فأخرج إصبعيه من أذنيه، ثم رجع إلى الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صنع) .
فموضع الدليل: أن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وأرضاهما - لم ينكر على نافع سماعه. ولأن رجلًا لو كان له جار وفي داره منكر ولا يقدر على إزالته.. فإنه لا يلزمه التحول من داره لأجل المنكر.
وإن دعي إلى موضع فيه تصاوير، فإن كانت صور ما لا روح فيه، كالشمس والقمر والأشجار.. جلس، سواء كانت معلقة أو مبسوطة؛ لأن ذلك يجري مجرى النقوش.
وإن كانت صور حيوان، فإن كان على بساط أو مخاد توطأ أو يتكأ عليها.. فلا بأس أن يحضر؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رأى سترًا معلقًا في بيت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عليه صور حيوان، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اقطعيه مخاد» ولأنه يبتذل ويهان. وإن كان على ستور معلقة.. فقد قال عامة أصحابنا: لا يجوز له الدخول إليها؛ لما روى «علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: اتخذت طعامًا فدعوت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما أتى الباب.. رجع ولم يدخل، وقال: لا أدخل بيتًا فيه صور؛ فإن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صور» وقيل: إن أصل