قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ: وَالْحَقُّ الْجَوَازُ، وَإِلَيْهِ مَالَ السُّبْكِيُّ، فَإِنَّ الصَّدَقَة بِتَمْرَةٍ تَجُوزُ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْهِبَةِ. وَمِنْهَا: لَوْ جَعَلَ شَاتَهُ أُضْحِيَّةً: لَمْ يَجُزْ بَيْعُ نَمَائِهَا مِنْ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ. وَتَصِحُّ هِبَتُهُ. قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.
وَمِنْهَا: جِلْدُ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، تَجُوزُ هِبَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْآنِيَةِ ; لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنْ الْبَيْعِ. وَمِنْهَا، لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُتَحَجِّرِ مَا تَحَجَّرَهُ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ لَا يُبَاعُ، وَيَجُوزُ هِبَتُهُ. صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ: لَوْ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ: صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهِ.
وَمِنْهَا: الدُّهْنُ النَّجِسُ، يَجُوزُ هِبَتُهُ، كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَة تَفَقُّهًا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. وَمِنْهَا: الْكَلْبُ: يَصِحُّ هِبَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. وَمِنْهَا: يَصِحُّ هِبَةُ إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ نَوْبَتَهَا لِلْأُخْرَى، قَطْعًا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ذَلِكَ، وَلَا مُقَابَلَتُهُ بِعِوَضٍ. وَمِنْهَا: الطَّعَامُ إذَا غُنِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ: تَصِحُّ هِبَةُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، لِيَأْكُلُوهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَبَايُعُهُمْ إيَّاهُ.
قَاعِدَةٌ:
لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ، إلَّا فِي صُوَرٍ: مِنْهَا: إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَرَثَةُ مِقْدَارَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ الْإِرْثِ، كَمَا لَوْ خَلَفَ وَلَدَيْنِ، أَحَدُهُمَا خُنْثَى. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا تَوَاهُبٌ، وَإِلَّا لَبَقِيَ الْمَالُ عَلَى صُورَةِ التَّوَقُّفِ وَهَذَا التَّوَاهُبُ: لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ جَهَالَةٍ. لَكِنَّهَا تُحْتَمَلُ لِلضَّرُورَةِ. وَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ نَفْسَهُ مِنْ الْبَنِينَ وَوَهَبَهُ لَهُمْ عَنْ جَهْلٍ. صَحَّتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، لِلضَّرُورَةِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الصَّيْدِ. وَمِنْهَا: اخْتِلَاطُ الثِّمَارِ وَالْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ فِي الْبَيْعِ، وَالصِّبْغِ فِي الْغَصْبِ، وَنَحْوِهِ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute