وَنَجَاحٌ، فَقِيلَ لِنَجَاحٍ: لِمَ أَلْقَيْتَ نَفْسَكَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرِيدُ الْبَقَاءَ بَعْدَ مَوْلَايَ، فَرَعَى لَهُ الْأَمِيرُ أَبُو الْعَبَّاسِ ذَلِكَ، فَلَمَّا صَارَ خَلِيفَةً جَعَلَهُ شَرَابِيًّا، وَصَارَتِ الدَّوْلَةُ جَمِيعُهَا بِحُكْمِهِ، وَلَقِيَهُ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ عِزُّ الدِّينِ، وَبَالَغَ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَالتَّقْدِيمِ لَهُ، وَخَدَمَهُ جَمِيعُ الْأُمَرَاءِ بِالْعِرَاقِ وَالْوُزَرَاءِ وَغَيْرُهُمْ.
وَفِيهَا، فِي رَمَضَانَ، وَقَعَ بِبَغْدَادَ بَرَدٌ كِبَارٌ مَا رَأَى النَّاسُ مِثْلَهُ، فَهَدَمَ الدُّورَ، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرًا مِنَ الْمَوَاشِي، فَوُزِنَتْ بَرَدَةٌ مِنْهَا فَكَانَتْ سَبْعَةَ أَرْطَالٍ، وَكَانَ عَامَّتُهُ كَالنَّارِنْجِ يُكَسِّرُ الْأَغْصَانَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " تَارِيخِهِ "، وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ.
وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْمُؤَيِّدِ، صَاحِبِ نَيْسَابُورَ، وَبَيْنَ شَاهْ مَازَنْدَرَانَ، قُتِلَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، فَانْهَزَمَ شَاهُ مَازَنْدَرَانَ، وَدَخَلَ الْمُؤَيِّدُ بَلَدَ الدَّيْلَمِ وَخَرَّبَهُ وَفَتَكَ بِأَهْلِهِ وَعَادَ عَنْهُ.
وَفِيهَا وَقَعَتْ وَقْعَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ أَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ وَأَهْلِ بَابِ الْكَرْخِ، وَسَبَبُهَا أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا زَادَ سَكَرَ أَهْلُ الْكَرْخِ سَكْرًا رَدَّ الْمَاءَ عَنْهُمْ، فَغَرِقَ مَسْجِدٌ فِيهِ شَجَرَةٌ، فَانْقَلَعَتْ، فَصَاحَ أَهْلُ الْكَرْخِ: انْقَلَعَتِ الشَّجَرَةُ، لَعَنَ اللَّهُ الْعَشَرَةَ! فَقَامَتِ الْفِتْنَةُ، فَتَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ إِلَى عَلَاءِ الدِّينِ تَنَامِشَ بِكَفِّهِمْ، فَمَالَ عَلَى أَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ لِأَنَّهُ كَانَ شِيعِيًّا، وَأَرَادَ دُخُولَ الْمَحِلَّةِ، فَمَنَعَهُ أَهْلُهَا، وَأَغْلَقُوا الَأَبْوَابَ وَوَقَفُوا عَلَى السُّورِ، وَأَرَادَ إِحْرَاقَ الْأَبْوَابِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ فَأَنْكَرَهُ أَشَدَّ إِنْكَارٍ وَأَمَرَ بِإِعَادَةِ تَنَامَشَ، فَعَادَ، وَدَامَتِ الْفِتْنَةُ أُسْبُوعًا، ثُمَّ انْفَصَلَ الْحَالُ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ سُلْطَانٍ.
وَفِيهَا عَبَرَ مَلِكُ الرُّومِ خَلِيجَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَقَصَدَ بِلَادَ قَلَجِ أَرَسْلَانَ، فَجَرَى بَيْنَهُمَا حَرْبٌ اسْتَظْهَرَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ، فَلَمَّا رَأَى مَلِكُ الرُّومِ عَجْزَهُ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ، وَقَدْ قُتِلَ مِنْ عَسْكَرِهِ وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute