إِيتِكِينَ، وَهُوَ مُسَالِمٌ لِلْغُزِّ، فَكَانُوا يَخْطُبُونَ لِلسُّلْطَانِ سَنْجَرَ، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلسُّلْطَانِ السَّعِيدِ الْمُبَارَكِ سَنْجَرَ، وَبَعْدَهُ لِلْأَمِيرِ الَّذِي هُوَ الْحَاكِمُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ.
ذِكْرُ قَتْلِ الْغُزِّ مَلِكَ الْغُورِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبَ، قُتِلَ سَيْفُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْغُورِيُّ، مَلِكُ الْغُورِ، قَتَلَهُ الْغُزُّ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَحَشَدَ فَأَكْثَرَ، وَسَارَ مِنْ جِبَالِ الْغُورِ يُرِيدُ الْغُزَّ وَهُمْ بِبَلْخَ، وَاجْتَمَعُوا، وَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، فَاتَّفَقَ أَنَّ مَلِكَ الْغُورِ خَرَجَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ خَاصَّتِهِ، جَرِيدَةً، فَسَمِعَ بِهِ أُمَرَاءُ الْغُزِّ، فَسَارُوا يَطْلُبُونَهُ مُجِدِّينَ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، فَأَوْقَعُوا بِهِ، فَقَاتَلَهُمْ أَشَدَّ قِتَالٍ رَآهُ النَّاسُ. فَقُتِلَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، وَأُسِرَ طَائِفَةٌ، وَهَرَبَتْ طَائِفَةٌ، فَلَحِقُوا بِمُعَسْكَرِهِمْ وَعَادُوا إِلَى بِلَادِهِمْ مُنْهَزِمِينَ لَا يَقِفُ الْأَبَ عَلَى ابْنِهِ وَلَا الْأَخُ عَلَى أَخِيهِ، وَتَرَكُوا كُلَّ مَا مَعَهُمْ بِحَالِهِ وَنَجَوْا بِنُفُوسِهِمْ.
فَكَانَ عُمُرُ مَلِكِ الْغُورِ لَمَّا قُتِلَ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ عَادِلًا حَسَنَ السِّيرَةِ، فَمِنْ عَدْلِهِ وَخَوْفِهِ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ أَنَّهُ حَاصَرَ أَهْلَ هَرَاةَ، فَلَمَّا مَلَكَهَا أَرَادَ عَسْكَرُهُ أَنْ يَنْهَبُوهَا، فَنَزَلَ عَلَى دَرْبِ الْمَدِينَةِ، وَأَحْضَرَ الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ، فَأَعْطَى جَمِيعَ عَسْكَرِهِ مِنْهَا، وَقَالَ: هَذَا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَنْهَبُوا أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَتُسْخِطُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِنَّ الْمُلْكَ يَبْقَى عَلَى الْكُفْرِ وَلَا يَبْقَى عَلَى الظُّلْمِ، وَلَمَّا قُتِلَ عَادَ الْغُزُّ إِلَى بَلْخَ وَمَرْوَ وَقَدْ غَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْعَسْكَرِ الْغَوْرِيِّ لِأَنَّ أَهْلَهُ تَرَكُوهُ وَنَجَوْا.
ذِكْرُ انْهِزَامِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ مَنِ الْفِرِنْجِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ انْهَزَمَ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِي مَنَ الْفِرِنْجِ، تَحْتَ حِصْنِ الْأَكْرَادِ، وَهِيَ الْوَقْعَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْبُقَيْعَةِ، وَسَبَبُهَا أَنَّ نُورَ الدِّينِ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَدَخَلَ بِلَادَ الْفِرِنْجِ وَنَزَلَ فِي الْبُقَيْعَةِ تَحْتَ حِصْنِ الْأَكْرَادِ، مُحَاصِرًا لَهُ وَعَازِمًا عَلَى قَصْدِ طَرَابُلُسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute