وَعَنْ الْعَوَارِفِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الصُّفَّةِ «جِئْنَا جَمَاعَةً إلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ أَنَّهُ مُنْذُ شَهْرَيْنِ لَمْ يَرْتَفِعْ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ دُخَانٌ لِلْخَبْزِ، وَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْأَسْوَدَانِ الْمَاءُ وَالتَّمْرُ» (ز) الْبَزَّارُ (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ عَقَبَةً كَؤُودًا» صَعْبَةً شَدِيدَةً «، وَلَا يَنْجُو مِنْهَا إلَّا كُلُّ مُخِفٍّ» أَيْ خَفِيفُ الْحِمْلِ مِنْ الذُّنُوبِ أَوْ مِنْ الدُّنْيَا وَالْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَقَبَةِ مَنَازِلُ الْآخِرَةِ، وَأَهْوَالُهَا وَشَدَائِدُهَا.
وَفِي الْقُشَيْرِيَّةِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لِكُلِّ شَيْءٍ مِفْتَاحٌ وَمِفْتَاحُ الْجَنَّةِ حُبُّ الْمَسَاكِينِ، وَالْفُقَرَاءُ الصُّبُرُ هُمْ جُلَسَاءُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَقِيلَ إنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ أَدْهَمَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَبَى، وَقَالَ تُرِيدُ أَنْ تَمْحُوَا اسْمِي مِنْ دِيوَانِ الْفُقَرَاءِ لَا أَفْعَلُ، وَعَنْ إبْرَاهِيمَ الْقَصَّارِ الْفَقْرُ لِبَاسٌ يُورِثُ الرِّضَا إذَا تَحَقَّقَ الْعَبْدُ فِيهِ وَسُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ عَنْ مِسْحٍ وَقَلَنْسُوَةٍ عَلَى طَرِيقِ اللَّطِيفَةِ بِكَمْ اشْتَرَيْت قَالَ اشْتَرَيْته بِالدُّنْيَا فَطُلِبَ بِالْآخِرَةِ فَلَمْ أَبِعْهُ، وَعَنْ حَمْدُونَ الْقَصَّارِ إذَا اجْتَمَعَ إبْلِيسُ وَجُنُودُهُ لَمْ يَفْرَحُوا بِشَيْءٍ كَفَرَحِهِمْ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا وَرَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ وَرَجُلٌ فِي قَلْبِهِ خَوْفُ الْفَقْرِ، وَعَنْ الْجُنَيْدِ يَا مَعْشَرَ الْفُقَرَاءِ إنَّكُمْ تُكْرَمُونَ بِاَللَّهِ وَتُعْرَفُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَانْظُرُوا كَيْفَ تَكُونُونَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا خَلَوْتُمْ بِهِ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ لَأَنْ أَقَعَ مِنْ فَوْقِ قَصْرٍ فَأَتَحَطَّمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْغِنَى؛ لِأَنِّي سَمِعْت مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إيَّاكُمْ وَمُجَالَسَةَ الْمَوْتَى» يَعْنِي الْأَغْنِيَاءَ، وَعَنْ ابْنِ أَدْهَمَ طَلَبْنَا الْفَقْرَ فَاسْتَقْبَلَنَا الْغِنَى وَطَلَبَ النَّاسُ الْغِنَى فَاسْتَقْبَلَهُمْ الْفَقْرُ، وَعَنْ ابْنِ الْكَرِيمِيِّ أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّادِقَ لَيَحْتَرِزُ مِنْ الْغِنَى لِئَلَّا يُفْسِدَ فَقْرَهُ كَالْغَنِيِّ الْمُحْتَرِزِ مِنْ الْفَقْرِ لِئَلَّا يُفْسِدَ غِنَاهُ.
وَعَنْ سَهْلٍ: خَمْسَةُ أَشْيَاءَ مِنْ جَوْهَرِ النَّفْسِ فَقِيرٌ يُظْهِرُ الْغِنَى وَجَائِعٌ يُظْهِرُ الشِّبَعَ وَمَحْزُونٌ يُظْهِرُ الْفَرَحَ وَرَجُلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَدَاوَةٌ فَيُظْهِرُ الْمَحَبَّةَ وَرَجُلٌ يَصُومُ بِالنَّهَارِ وَيَقُومُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يُظْهِرُ ضَعْفًا، وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ أَحْسَنُ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ الْعَبْدُ إلَى مَوْلَاهُ دَوَامُ الْفَقْرِ إلَيْهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَمُلَازَمَةُ السُّنَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَطَلَبُ الْقُوتِ مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ. وَقِيلَ مَنْ طَلَبَ الْفَقْرَ لِشَرَفِ الْفَقْرِ مَاتَ فَقِيرًا وَمَنْ طَلَبَ الْفَقْرَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَاتَ غَنِيًّا، وَقِيلَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ إنْ أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ رِضَايَ عَنْك فَانْظُرْ كَيْفَ رِضَا الْفُقَرَاءِ عَنْك، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكَاتِبِ كَانَ عِنْدَنَا بِمَكَّةَ فَتًى عَلَيْهِ أَطْمَارٌ رَثَّةٌ وَكَانَ لَا يُدَاخِلُنَا، وَلَا يُجَالِسُنَا فَوَقَعَتْ مَحَبَّتُهُ فِي قَلْبِي فَفُتِحَ لِي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ فَوَضَعْتهَا عَلَى سَجَّادَتِهِ فَنَظَرَ إلَيَّ شَزْرًا ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْجَلْسَةَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْقِنَاعِ وَالْفَرَاغِ بِسَبْعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ غَيْرَ الضِّيَاعِ وَالْمُسْتَغِلَّاتِ تُرِيدُ أَنْ تَخْدَعَنِي عَنْهَا بِهَذِهِ، وَقَامَ يَرُدُّهَا، وَقَعَدْت أَلْتَقِطُ فَمَا رَأَيْت كَعِزِّهِ حَيْثُ مَرَّ وَكَذُلِّي حَيْثُ كُنْت أَلْتَقِطُهَا.
وَقَالَ بُنَانٌ الْمِصْرِيُّ يَقُولُ كُنْت بِمَكَّةَ قَاعِدًا وَشَابٌّ بَيْنَ يَدَيَّ فَجَاءَهُ إنْسَانٌ وَحَمَلَ إلَيْهِ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute