لَا وَصِيَّ لَهَا وَالْمُعْلَمَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالْقُرْبِ هِيَ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، ثُمَّ بَلَغَهَا ذَلِكَ وَرَضِيَتْ بِالْقُرْبِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّهَا يَتِيمَةٌ أَيْضًا إذَا لَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَبٍ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهَا، وَكَذَا الْمُزَوَّجَةُ لِذِي رِقٍّ أَوْ عَيْبٍ يَتِيمَةٌ أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّبْعَ كُلَّهَا فِي الْيَتِيمَةِ إلَّا الْمُرْشِدَةَ وَاَلَّتِي عَضَلهَا الْوَلِيُّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ يَتِيمَةً أَوْ ذَاتَ أَبٍ.
(قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي شِفَاءِ الْغَلِيلِ) وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِنَّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَتَحْلِيلِ التَّعْقِيدِ وَنَظَمْنَاهُ فِي رَجَزٍ وَهُوَ
سَبْعٌ مِنْ الْأَبْكَارِ بِالنُّطْقِ خَلِيق ... مَنْ زُوِّجَتْ ذَا عَاهَةٍ أَوْ مِنْ رَقِيق
أَوْ صَغُرَتْ أَوْ عَنَسَتْ أَوْ أُسْنِدَتْ ... مَعْرِفَةُ الْعَرْضِ لَهَا أَوْ رَشَدَتْ
أَوْ رَفَعَتْ لِحَاكِمٍ عَضْلَ الْوَلِيِّ ... أَوْ رَضِيَتْ مَا بِالتَّعَدِّي قَدْ وَلِي
اهـ. قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ عَفَا اللَّه عَنْهُ وَقَدْ ذَيَّلْتهَا بِبَيْتٍ وَهُوَ
وَكُلُّهُنَّ ذَاتُ يُتْمٍ مَا سِوَى ... مَنْ رَشَدَتْ أَوْ عُضِلَتْ فَهِيَ سَوَا
أَيْ فَهِيَ مِمَّنْ يَنْطِقُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَتِيمَةً أَوْ ذَاتَ أَبٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٍ هَذِهِ النَّظَائِرَ وَأَسْقَطَ مِنْهَا الْمُعَنَّسَةَ فَقَالَ وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ أَوْ عُضِلَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ أَوْ بِرِقٍّ أَوْ عَيْبٍ أَوْ يَتِيمَةٍ أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا (فَرْعَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ قَالَتْ مَا عَلِمْت أَنَّ الصَّمْتَ إذْنٌ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ مُشْتَهِرٌ وَلَعَلَّ مُقَابِل الْأَصَحّ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ اسْتِئْذَانُهَا مُسْتَحَبًّا بِلَا خِلَافٍ لَمَا صَحَّ أَنْ تُعْذَرَ بِالْجَهْلِ وَاخْتَارَ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى أَمْرِ هَذِهِ الصَّبِيَّةِ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهَا الْبَلَهَ وَقِلَّةَ الْمَعْرِفَةِ قُبِلَ وَإِلَّا، فَلَا (فَائِدَةٌ) مَسَائِلُ لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ مِنْهَا هَذِهِ، ثُمَّ عَدَّ مِنْهَا نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً وَقَدْ نَظَمَهَا الشَّارِحُ بَهْرَامُ فِي الْكَبِيرِ وَنَظَمَهَا غَيْرُهُ كَسَيِّدِي عَلِيٍّ الزَّقَّاقِ فِي الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ حَيْثُ قَالَ هَلْ يُعْذَرُ
ذُو الْجَهْلِ أَوْ لَا وَاَلَّذِي قَدْ حُقِّقَا
إلَى تَمَامِ تِسْعَةِ أَبْيَاتٍ.
(الثَّانِي) تَقَدَّمَ مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ النَّظَائِرِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوِلَايَةَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ، فَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهَا الْوَلِيُّ إلَّا بِتَفْوِيضٍ مِنْ الْمَرْأَةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ هَذَا فِيمَا عَدَا الْأَبَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ هُوَ حَقٌّ لَهُ قَدْ اسْتَخْلَفَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَالْوَلِيُّ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا فَهُمَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَبَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ يُزَوِّجُونَ
وَثَيِّبٌ بِعَارِضٍ كَالْبِكْرِ ... وَبِالْحَرَامِ الْخُلُفُ فِيهَا يَجْرِي
كَوَاقِعٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ الْوَارِدِ ... وَكَالصَّحِيحِ مَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ
يَعْنِي أَنَّ الثُّيُوبَةَ الْحَاصِلَةَ بِأَمْرٍ عَارِضٍ كَحَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ أَوْ بِالْقَفْزَةِ أَوْ بِكَثْرَةِ الضَّحِكِ فَإِنَّهَا كَالْعَدَمِ وَكَأَنَّهَا مَا زَالَتْ بِكْرًا قَائِمَةً الْعُذْرَةِ وَتَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا حُكْمُ الْجَبْرِ الَّذِي عَلَى الْبِكْرِ وَأَمَّا إنْ حَصَلَتْ الثُّيُوبَةُ بِحَرَامٍ أَيْ بِزِنَا أَوْ غَصْبٍ فَفِي بَقَاءِ الْجَبْرِ عَلَيْهَا وَانْقِطَاعِهِ قَوْلَانِ (التَّوْضِيحُ) الْقَوْلُ بِالْجَبْرِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ فِي الْجَلَّابِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ وَهُوَ اسْتِمْرَارُ الْجَبْرِ وَعَدَمُ انْقِطَاعِهِ مَا إذَا حَصَلَتْ الثُّيُوبَةُ بِنِكَاحٍ وَاقِعٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ طَلَّقَ وَرَجَعَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَيْضًا وَلَا إشْكَالَ وَالْإِجْبَارُ هُنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ رَجَعَتْ بَعْد الْبُلُوغِ فَفِي الْجَبْرِ قَوْلَانِ ظَاهِر النَّظْمِ الْجَبْرُ لِإِطْلَاقِهِ فِي النِّكَاحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَمَّا الثُّيُوبَةُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهَا كَالصَّحِيحِ لَا جَبْرَ مَعَهَا (قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) وَالثُّيُوبَةُ غَيْرُ مُسْقِطَةٍ لِلْإِجْبَارِ إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَرَجَعَتْ إلَيْهِ قَبْل الْبُلُوغِ وَاخْتُلِفَ إنْ بَلَغَتْ هَلْ يَسْتَمِرُّ الْإِجْبَارُ أَوْ يَرْتَفِعُ (وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ فِي طُرَرِهِ) وَاخْتُلِفَ لَهَا كَانَتْ الْإِصَابَةُ مِنْ زِنَا أَوْ غَصْبٍ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تُجْبَرُ كَالْبِكْرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْغَصْبُ وَالطَّوْعُ سَوَاءٌ يُجْبَرَانِ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ الثَّيِّبُ بِنِكَاحٍ أَوْ زِنَا سَوَاءٌ لَا تُجْبَرُ
(وَفِي سَمَاعِ عِيسَى) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ فَابْتَنَى بِهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الْمَحِيضَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ غَيْرُ بَالِغٍ فَتَزْوِيجُهُ جَائِزٌ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَتِهَا مَا لَمْ تَحِضْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ