رُوِيَ: أَنَّ «صَفِيَّةَ أَرْسَلَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبَيْنِ لِيُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ، فَكَفَّنَهُ فِي أَحَدِهِمَا، وَكَفَّنَ فِي الْآخَرِ رَجُلًا آخَرَ» : بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ ثِيَابَهُ سُلِبَتْ، أَوْ أَنَّهُمَا ضُمَّا إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى فِي الْمُعْتَمَدِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (فَإِنْ كَانَ) الشَّهِيدُ (قَدْ سُلِبَهَا) أَيْ الثِّيَابُ (كُفِّنَ بِغَيْرِهَا) وُجُوبًا كَغَيْرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ دَفْنُهُ) أَيْ الشَّهِيدِ (فِي مَصْرَعِهِ) الَّذِي قُتِلَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ) أَيْ مَكَان مُرْتَفِعٍ، كَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ، لَا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ فَمَاتَ (أَوْ سَقَطَ عَنْ دَابَّةٍ لَا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ) فَمَاتَ (أَوْ رَفَسَتْهُ) دَابَّةٌ (فَمَاتَ أَوْ مَاتَ) فِي دَارِ الْحَرْبِ (حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ عَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهِ) فَقَتَلَهُ (أَوْ) عَادَ (سَيْفُهُ) عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ (أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ، أَوْ حُمِلَ بَعْد جَرْحِهِ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ بَالَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ طَالَ بَقَاؤُهُ عُرْفًا: غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وُجُوبًا) أَمَّا مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ فِعْلِ الْعَدُوِّ فَلِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِمْ قَتْلَهُ وَتَسَبُّبِهِمْ فِيهِ فَأَشْبَهَ مَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ.
وَأَمَّا مَنْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فَلَا يَسْقُطُ يَقِينُ ذَلِكَ، بِالشَّكِّ فِي مُسْقِطِهِ فَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرٌ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا دَمٌ مِنْ أَنْفِهِ أَوْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: اعْتَبَرْنَا الْأَثَرَ هُنَا احْتِيَاطًا لِلْغُسْلِ وَلَمْ نَعْتَبِرْهُ فِي الْقَسَامَةِ احْتِيَاطًا لِوُجُوبِ الدَّمِ وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ بَعْد جَرْحِهِ فَأَكَلَ، وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ لِتَغْسِيلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ ذِي حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ وَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: حَتْفَ أَنْفِهِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ مِنْ جَرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا، حَتَّى مَنْ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ صَبْرًا فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أُلْحِقَ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ) فِي أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيد، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّهُمْ مَقْتُولُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَشْبَهُوا قَتْلَى الْكُفَّارِ، فَلَا يُغَسَّلُونَ.
تَتِمَّةٌ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ مَنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ أَوْ الْكُفَّارُ خَطَأً يُغَسَّلُ رِوَايَةً وَاحِدَةً (وَالشُّهَدَاءُ غَيْرَ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ) وَهُوَ مَنْ مَاتَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ مَعَ الْكُفَّارِ وَقْتَ قِيَامِ الْقِتَالِ (بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ) شَهِيدًا (الْمَطْعُونُ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ (وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَالشَّرِيقُ وَالْحَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ) أَيْ مَنْ مَاتَ بِانْهِدَامِ شَيْءٍ عَلَيْهِ كَمَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطٌ وَنَحْوُهُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute