لِعَدَمِ الْحَاجَةِ فِيهِ إلَى قَرِينَةٍ أَوْ عَلَى الْمَنْقُولِ عَنْهُ اسْتِصْحَابًا لِلْمَوْضُوعِ لَهُ أَوَّلًا مِثَالُهُمَا رَأَيْت الْيَوْمَ أَسَدًا وَصَلَّيْت أَيْ حَيَوَانًا مُفْتَرِسًا وَدَعَوْت بِخَيْرٍ أَيْ سَلَامَةٍ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ الرَّجُلَ الشُّجَاعَ وَالصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ (وَ) الْمَجَازُ وَالنَّقْلُ (أَوْلَى مِنْ الِاشْتِرَاكِ) فَإِذَا احْتَمَلَ لَفْظٌ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي مَعْنَى أَنْ يَكُونَ فِي آخَرَ حَقِيقَةً وَمَجَازًا أَوْ حَقِيقَةً وَمَنْقُولًا فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَوْ الْمَنْقُولِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمُؤَدِّي إلَى الِاشْتِرَاكِ لِأَنَّ الْمَجَازَ أَغْلَبُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَغْلَبِ أَوْلَى وَالْمَنْقُولُ لِإِفْرَادِ مَدْلُولِهِ قَبْلَ النَّقْلِ وَبَعْدَهُ لَا يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمُشْتَرَكُ لِتَعَدُّدِ مَدْلُولِهِ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُعَيِّنُ أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ مَثَلًا إلَّا إذَا قِيلَ
ــ
[حاشية العطار]
إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ الِاسْتِحَالَةِ بِأَنَّ الْمَلْزُومَ هُنَا مُمْكِنُ الثُّبُوتِ وَهُنَاكَ مُسْتَحِيلُهُ اهـ. نَاصِرٌ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَأَمَّا قَرِينَةُ الْمُشْتَرَكِ فَلِتَعَارُضِ الْمَعَانِي.
(قَوْلُهُ: وَصَلَّيْتُ) أَيْ إذَا صَدَرَ مِنْ غَيْرِ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ فَلَا يُقَالُ إنْ أَرَادَ الْحَمْلَ فِي نَحْوِ هَذَا الْمِثَالِ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ اللُّغَةِ كَانَ مِنْ قَبِيلِ احْتِمَالِ اللَّفْظِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَجَازِيَّ لَا الْمَنْقُولَ عَنْهُ وَالْمَنْقُولَ إلَيْهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الشَّرْعِ خَالَفَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي ثُمَّ هُوَ أَيْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطَبِ فَفِي خِطَابِ الشَّرْعِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ اللُّغَوِيِّ إلَخْ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ مَا لَهُ مَعَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مَعْنًى عُرْفِيٌّ عَامٌّ أَوْ مَعْنًى لُغَوِيٌّ أَوْ هُمَا يُحْمَلُ أَوَّلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ سَلَامَةٍ مِنْهُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ صَلَّيْتُ جُزْءٌ مِنْ الْمِثَالِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ مِثَالًا مُشْتَمِلًا عَلَى شَيْئَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ كُلًّا مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَازُ وَالنَّقْلُ إلَخْ) تُفِيدُ أَنَّ اللَّفْظَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَالْمَنْقُولِ إلَيْهِ لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ وَإِنْ كَانَ لَفْظًا وَاحِدًا مُتَعَدِّدَ الْمَعْنَى وَالْوَضْعِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّفْتَازَانِيِّ فِي شَرْحِ الشَّمْسِيَّةِ.
قَالَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَيْ إنْ كَانَ مَعْنَى الِاسْمِ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ وَضْعُهُ لِلْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ عَلَى السَّوِيَّةِ بِأَنْ وُضِعَ لِهَذَا كَمَا وُضِعَ لِذَاكَ وَلَمْ يُعْتَبَرْ النَّقْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ سُمِّيَ اللَّفْظُ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ الْمَعَانِي مُشْتَرَكًا وَإِلَى أَحَدِهِمَا مُجْمَلًا كَالْعَيْنِ لِلْبَاصِرَةِ وَالْجَارِيَةِ وَالذَّهَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَضْعُهُ لِلْمَعَانِي عَلَى السَّوِيَّةِ بَلْ وُضِعَ أَوَّلًا لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ نُقِلَ إلَى الْآخَرِ لِمُنَاسِبَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِمَّا أَنْ يُتْرَكَ وَيَهْجُرَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ حَقِيقَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَضْعِ وَالِاصْطِلَاحِ أَوْ لَا فَإِنْ تُرِكَ سُمِّيَ مَنْقُولًا وَيُنْسَبُ إلَى النَّاقِلِ وَإِنْ لَمْ يُتْرَكْ فَحَالُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي نُقِلَ إلَيْهِ يُسَمَّى مَجَازًا اهـ.
وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ تَعَدُّدَ الْمَعْنَى فِي الْمَنْقُول بِالنِّسْبَةِ إلَى وَاضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا وَضَعَهُ لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ وَالْآخَرُ وَضَعَهُ لِلْمَنْقُولِ إلَيْهِ فَاتَّضَحَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَالْمَنْقُولُ لِإِفْرَادِ مَدْلُولِهِ إلَخْ وَفِي زِيَادَةِ قَيْدٍ تَعَدَّدْ الْوَضْعِ فِي الْمُشْتَرَكِ نِزَاعٌ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَضْعِيَّةِ وَذَكَرْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ مِنْ الْحَوَاشِي عَلَى ذَلِكَ الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا احْتَمَلَ لَفْظٌ) هُوَ حَقِيقَةٌ فِي مَعْنَى أَيْ بِلَا تَرَدُّدِ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنًى آخَرَ حَقِيقَةً أَيْ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهَذَا الْمَعْنَى الْآخَرِ وَمَجَازًا أَيْ وَأَنْ يَكُونَ مَجَازًا فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِي الْأَوَّلِ مَجَازًا فِي الْآخَرِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ حَقِيقَةً وَمَنْقُولًا وَإِنَّمَا عُطِفَ قَوْلُهُ وَمَجَازًا وَمَنْقُولًا بِالْوَاوِ دُونَ أَوْ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَلِذَا أَتَى فِيهِ بِأَوْ هُنَا بِلَفْظٍ وَفِيمَا سَبَقَ بِاللَّفْظِ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الْأُولَى تَحَقَّقَتْ لَهُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازِيَّةُ وَالِاحْتِمَالُ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِ أَوْ مَجَازًا فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَحَقَّقَتْ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْآخَرِ بِهِ وَالِاحْتِمَالُ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِ أَوْ مَجَازًا أَوْ مَنْقُولًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجَازَ أَغْلَبُ) إنَّمَا لَمْ يُعَلَّلْ بِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ فِي الْوَضْعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَصْلِ لَازِمَةٌ فِي الْمَجَازِ وَالنَّقْلِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لِإِفْرَادِ مَدْلُولِهِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرٌ أَيْ اتِّحَادُهُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ لَا يَمْتَنِعُ.
(قَوْلُهُ: لَا يَمْتَنِعُ) بَلْ يُعْمَلُ بِهِ اكْتِفَاءً بِعُرْفِ التَّخَاطُبِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى قَرِينَةٍ زَائِدَةٍ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ مَعَانِيهِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قِيلَ إلَخْ) فَإِنَّ مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِمَا لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَهُ الْعَمَلُ بِالْمُشْتَرَكِ بِدُونِ قَرِينَةٍ فَلَا