للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ بِهِدَايَتِهِ (فَخَافَ) عِقَابَهُ (وَرَجَا) ثَوَابَهُ (فَأَصْغَى إلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ) عَنْهُ (فَارْتَكَبَ) مَأْمُورَهُ (وَاجْتَنَبَ) مَنْهِيَّهُ (فَأَحَبَّهُ مَوْلَاهُ فَكَانَ) مَوْلَاهُ (سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا) وَاتَّخَذَهُ وَلِيًّا إنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَإِنْ اسْتَعَاذَ بِهِ أَعَاذَهُ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَإِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» وَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَوَلَّى مَحْبُوبَهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ فَحَرَكَاتُهُ وَسَكَنَاتُهُ بِهِ تَعَالَى كَمَا أَنَّ أَبَوَيْ الطِّفْلِ لِمَحَبَّتِهِمَا لَهُ الَّتِي أَسْكَنَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمَا يَتَوَلَّيَانِ جَمِيعَ أَحْوَالِهِ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَلَا يَمْشِي إلَّا بِرِجْلِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ اللَّهُمَّ كِلَاءَةً كَكِلَاءَةِ الْوَلِيدِ (وَدَنِيءُ الْهِمَّةِ) بِأَنْ لَا يَرْفَعَ نَفْسَهُ بِالْمُجَاهَدَةِ عَنْ سَفْسَافِ الْأُمُورِ (لَا يُبَالِي) بِمَا تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إلَيْهِ مِنْ الْمُهْلِكَاتِ (فَيَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَ وَيَدْخُلُ تَحْتَ رِبْقَةِ الْمَارِقِينَ) مِنْ الدِّينِ أَيْ عُرْوَتِهِمْ الْمُنْقَطِعَةِ وَهِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ (فَدُونَكَ)

ــ

[حاشية العطار]

مَا يُكَرِّمُهُ بِهِ مِنْ الشُّهُودِ وَالْعِيَانِ وَفِيمَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِوُجُودِ اللُّطْفِ وَالِامْتِنَانِ وَلَا يَكُونُ قُرْبُ الْعَبْدِ مِنْ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ إلَّا بِبَعْدِهِ عَنْ الْخَلْقِ فَهَذَا مِنْ صِفَاتِ الْقُلُوبِ دُونَ أَحْكَامِ الظَّوَاهِرِ وَالْكَوْنُ وَقُرْبُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ عَامٌّ لِلْكَافِرِ وَبِاللُّطْفِ وَالتَّأْيِيدِ وَالنَّصْرِ خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ بِخَصَائِصِ التَّأْنِيثِ مُخْتَصٌّ بِالْأَوْلِيَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَبْطِشُ) أَيْ يَسْطُو وَهُوَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ (قَوْلُهُ: مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذُ الْأَخِيرُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا تَرْتِيبُهَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْمَخْصُوصِ (قَوْلُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ إلَخْ) فِي يَوَاقِيتِ الشَّعْرَانِيِّ أَنَّ مَعْنَى كُنْتُ سَمْعَهُ إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ الْكَوْنَ الشُّهُودِيَّ مُرَتَّبٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ حُصُولُ الْمَحَبَّةِ فَمِنْ حَيْثُ التَّرْتِيبُ الشُّهُودِيُّ جَاءَ الْحُدُوثُ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كُنْتُ سَمْعَهُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّقَرُّرُ الْوُجُودِيُّ، قَالَهُ الْأُسْتَاذُ سَيِّدِي عَلِيُّ بْنُ وَفَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ الْمُرَادُ بِكُنْتُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إلَخْ انْكِشَافُ الْأَمْرِ لِمَنْ تَقَرَّبَ إلَيْهِ تَعَالَى بِالنَّوَافِلِ لَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ تَعَالَى سَمْعَهُ قَبْلَ التَّقْرِيبِ ثُمَّ كَانَ الْآنَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ الْعَوَارِضِ الطَّارِئَةِ.

(قَوْلُهُ: يَتَوَلَّى مَحْبُوبَهُ) أَيْ بِالْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ بِأَنْ يَصْرِفَهُ فِي مَرْضَاتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي بَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْفُتُوحَاتِ: إيَّاكُمْ وَمُعَادَاةِ أَهْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ الْوَلَايَةُ الْعَامَّةُ فَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَلَوْ أَتَوْا بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَلَقَّى جَمِيعَهُمْ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً وَمَنْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ حَرُمَتْ مُحَارَبَتُهُ وَإِنَّمَا جَازَ لَنَا هَجْرُ أَحَدٍ مِنْ الذَّاكِرِينَ لِلَّهِ لِظَاهِرِ الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نُؤْذِيَهُ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَإِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا فَوَعَدَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ فَلْيَخْتِمْهُ بِالتَّوْحِيدِ فَإِنَّ التَّوْحِيدَ يَأْخُذُ بِيَدِ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ كِلَاءَةً كَكِلَاءَةِ الْوَلِيدِ) الْكِلَاءَةُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمَدِّ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ وَالْوَلِيدُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ أَيْ اُحْرُسْنِي وَاحْفَظْنِي كَمَا يَحْفَظُ الْوَلَدَ أَبَوَاهُ مِنْ الْمَهَالِكِ، وَالْكَلَامُ عَلَى التَّنَزُّلِ تَقْرِيبًا لِلْعُقُولِ وَإِلَّا فَحِفْظُ اللَّهِ يَقْصُرُ دُونَهُ حِفْظُ الْأَبَوَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: فَيَجْهَلُ فَوْقَ إلَخْ) هُوَ عَجُزُ بَيْتٍ مِنْ الْمُعَلَّقَاتِ وَصَدْرُهُ:

أَلَا لَا يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلَيْنَا

وَالرِّوَايَةُ بِالْمُضَارِعِ الْمَبْدُوءِ بِالنُّونِ فَغَيْرُهُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ يَجْهَلُ جَهْلًا أَشَدَّ مِنْ جَهْلِ الْجَاهِلِينَ وَتَفَاوُتُ الْجَهْلِ بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ إمَّا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ فَإِنَّ الْكَيْفِيَّاتِ النَّفْسَانِيَّةِ تَتَفَاوَتُ أَوْ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِمَا هُوَ ضَرُورِيٌّ أَشَدُّ مِنْهُ بِمَا هُوَ نَظَرِيٌّ وَالْكَلَامُ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: رِبْقَةِ الْمَارِقِينَ) الرِّبْقَةُ جِلْدٌ ذُو عُرًى (قَوْلُهُ: أَيْ عُرْوَتِهِمْ الْمُنْقَطِعَةِ) أَخَذَ الِانْقِطَاعَ مِنْ إضَاقَةِ الرِّبْقَةِ إلَى الْمَارِقِينَ أَيْ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: فَدُونَكَ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْهِمَّةِ وَدَنِيِّهَا وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ لَفْظُ دُونَكَ فِي الْإِغْرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>