للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(النَّظَرُ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا) لِأَنَّهُ مُقَدِّمَتُهَا (وَالْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (أَوَّلُ النَّظَرِ) لِتَوَقُّفِ النَّظَرِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ (وَابْنُ فُورَكٍ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَصْدُ إلَى النَّظَرِ) لِتَوَقُّفِ النَّظَرِ عَلَى قَصْدِهِ (وَذُو النَّفْسِ

ــ

[حاشية العطار]

إلَّا إذَا ثَبَتَ عِنْدِي إلَخْ الْعِنْدِيَّةُ مَمْنُوعَةٌ بَلْ مَتَى تَقَرَّرَ الْحُكْمُ فِي الْوَاقِعِ تَعَلَّقَ بِهِ وَوَجَبَ الِامْتِثَالُ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِ الرَّسُولِ.

فَإِنْ قَالَ مِنْ أَيْنَ صَحَّتْ رِسَالَتُهُ؟ قُلْنَا دَلِيلُهُ مُعْجِزَةٌ مُقَارِنَةٌ لِدَعْوَاهُ لَا يُقْبَلُ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا عِنْدَ الْعَاقِلِ تَمَسُّكًا بِهَذَا الْهَذَيَانِ فَإِنَّ مِثَالَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ مِثَالُ مَنْ أَتَاهُ شَخْصٌ وَقَالَ اُنْجُ بِنَفْسِكَ فَهَذَا أَسَدٌ خَلْفَكَ وَإِنْ الْتَفَتَّ رَأَيْتَهُ، فَهَلْ يَلِيقُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْتَنِي بِكَلَامِكَ وَأَلْتَفِتُ إلَّا إذَا عَلِمْتُ صِدْقَكَ وَلَا أَعْلَمُ صِدْقَك إلَّا إذَا الْتَفَتُّ وَيَسْتَمِرُّ وَاقِفًا حَتَّى يَأْكُلَهُ السَّبُعُ؟ ، فَكَذَلِكَ الرَّسُولُ يَقُولُ اتَّبِعُونِي فِي كُلِّ مَا أَقُولُ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَإِنْ نَظَرْتُمْ فِي مُعْجِزَتِي عَلِمْتُمْ صِدْقِي وَهَا هِيَ الْمُعْجِزَةُ فَيَصِحُّ الْإِعْرَاضُ حِينَئِذٍ بَلْ هُوَ عَيْنُ الْحُمْقِ وَالْعِنَادِ الَّذِي لَا يُعْذَرُ فَاعِلُهُ وَلَا يُفْحِمُ الْمُرْشِدَ النَّاصِحَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ لَوْ سَلِمَ وَرَدَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ وُجُوبَ الْمَعْرِفَةِ نَظَرِيٌّ وَادِّعَاءُ بَدَاهَتِهِ مُكَابَرَةٌ فَيُقَالُ لَهُمْ لَا يَنْظُرُ النَّظَرَ الْمُوَصِّلَ لِوُجُوبِ الْمَعْرِفَةِ إلَّا إذَا عَلِمَ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ وَلَا يَعْلَمُ إلَّا بِالنَّظَرِ وَهُوَ لَا يَنْظُرُ وَذَهَبَتْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة إلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَحْصُلُ بِدُونِ الْمُعَلِّمِ الَّذِي هُوَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ وَلَهُمْ أَدِلَّةٌ وَاهِيَةٌ وَالظَّنُّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ الْآنَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَقَدْ كَانُوا كَثِيرِينَ فِي زَمَنِ الْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ وَتَعَرَّضَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي كُتُبِهِمْ وَهُمْ أَضْعَفُ الْفِرَقِ عِلْمًا وَأَشَدُّهَا جَهْلًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ وُجُوبِ النَّظَرِ مِنْ مَبَادِئِ عِلْمِ الْكَلَامِ حَتَّى إنَّ أَكْثَرَ الْقَوْمِ يُقَدِّمُونَ الْبَحْثَ عَنْهُ قَبْلَ مَبَاحِثِ الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ وَالْمُصَنِّفُ أَدْرَجَهُ فِي خَاتِمَةِ التَّصَوُّفِ لَا لِأَنَّهُ مِنْ مَسَائِلِهِ بَلْ لِمُنَاسَبَةِ مَا أَشَارَ إلَيْهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِذَلِكَ افْتَتَحَ الْمُصَنِّفُ بَأْسَ الْعَمَلِ وَمَسْأَلَةُ الْكُتُبِ الْآتِيَةُ مِنْ مَقَاصِدِ عِلْمِ الْكَلَامِ وَعَدَمُ صَلَاحِ الْقُدْرَةِ لِلضِّدَّيْنِ كَذَلِكَ وَأَنَّ الْعَجْزَ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَاعَى فِي ذِكْرِهَا هَذَا أَدْنَى مُنَاسَبَةً فَلَمْ يُبَالِ بِاخْتِلَاطِ مَسَائِلِ الْعُلُومِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ سَهْلٌ.

(قَوْلُهُ: لِلنَّظَرِ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ الصَّحِيحَ الْمُسْتَجْمِعَ لِلشَّرَائِطِ يُفِيدُ الْعِلْمَ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ لُزُومَ شَيْءٍ كَالضَّاحِكِ لِشَيْءٍ كَالْإِنْسَانِ وَعَلِمَ مَعَ الْعِلْمِ بِاللُّزُومِ وُجُودَ الْمَلْزُومِ وَهُوَ الْإِنْسَانُ أَوْ عَدَمُ اللَّازِمِ وَهُوَ عَدَمُ الضَّاحِكِ عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِاللُّزُومِ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْمَلْزُومِ وُجُودُ اللَّازِمِ وَهُوَ وُجُودُ الضَّاحِكِ وَعُلِمَ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ الْعِلْمُ بِاللُّزُومِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ اللَّازِمِ عَدَمُ الْمَلْزُومِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِنْسَانِ وَأَيْضًا مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْعَالَمَ مُمْكِنٌ وَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ لَهُ مُؤَثِّرٌ عَلِمَ قَطْعًا أَنَّ لِلْعَالَمِ مُؤَثِّرًا وَالسُّمَنِيَّةُ أَنْكَرُوا وُجُودَهُ فِي الْإِلَهِيَّاتِ دُونَ الْهَنْدَسِيَّاتِ لِعَدَمِ تَطَرُّقِ الْغَلَطِ إلَيْهَا دُونَ الْإِلَهِيَّاتِ (قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَوَّلَ النَّظَرَ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْجَلَالِ الدَّوَانِيِّ عَلَى الْعَقَائِدِ حِكَايَةَ هَذَا الْقَوْلِ بِقِيلَ وَأَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ بِمَقَالَةِ ابْنِ فُورَكٍ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّهُ الْقَصْدُ إلَى النَّظَرِ.

(قَوْلُهُ: فِي تَوَقُّفِ النَّظَرِ عَلَى قَصْدِهِ) لِأَنَّ النَّظَرَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ وَكُلُّ فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَصْدِ وَلَيْسَ وُجُوبُ النَّظَرِ مُتَوَقِّفًا عَلَى وُجُودِ الْقَصْدِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ سَوَاءٌ وُجِدَ الْقَصْدُ أَمْ لَمْ يُوجَدْ فَيَكُونُ الْقَصْدُ مُقَدِّمَةَ الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ الَّذِي هُوَ النَّظَرُ.

وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا مَسْبُوقًا بِقَصْدٍ آخَرَ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ أَوْ التَّسَلْسُلُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ صَادِرًا مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ بِلَا قَصْدٍ آخَرَ سَابِقٍ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْقَصْدِ عَيْنَ الْقَصْدِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَرْبَعَةٌ وَقَدْ أَنْهَاهَا الْيُوسِيُّ فِي حَوَاشِي الْكُبْرَى لِأَحَدَ عَشَرَ.

الْخَامِسُ: اعْتِقَادُ وُجُوبِ النَّظَرِ أَيْ لِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَى قَدْرِ النَّظَرِ.

السَّادِسُ: الْإِيمَانُ.

السَّابِعُ: الْإِسْلَامُ.

الثَّامِنُ: النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ.

وَالثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ مَرْدُودَةٌ بِاحْتِيَاجِهَا لِلْمَعْرِفَةِ.

التَّاسِعُ: التَّقْلِيدُ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالْمَعْرِفَةِ.

الْعَاشِرُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>