للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرُ (فَالشَّرْطُ وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهِ الْوُجُودُ.

(فَإِنْ دَلَّ) الْحُكْمُ الْخَارِجُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ الْآخَرُ (فَالْعَلَامَةُ، فَالْعِلَّةُ تَقَدَّمَتْ بِأَقْسَامِهَا وَهَذَا) الَّذِي نَذْكُرُهُ (تَقْسِيمُهُمْ مَا سِوَاهَا) أَيْ الْعِلَّةِ قَالُوا (فَالسَّبَبُ تَجِبُ الْعِلَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ مِنْ عِلَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ مَوْضُوعَةٍ لَهُ وَالسَّبَبُ مُفْضٍ إلَى الْحُكْمِ وَطَرِيقٌ لَهُ لَا مَوْضُوعٌ لَهُ وَلَا مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَلَهُ أَقْسَامٌ بِحَسَبِ إضَافَةِ الْعِلَّةِ إلَيْهِ وَعَدَمِ إضَافَتِهَا إلَيْهِ (فَإِمَّا تُضَافُ) الْعِلَّةُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّبَبِ (كَالسَّوْقِ) لِلدَّابَّةِ (الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعِلَّةُ وَطْؤُهَا) أَيْ الدَّابَّةِ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَالسَّوْقُ سَبَبُ التَّلَفِ وَلَيْسَ بِعِلَّةٍ لَهُ لِأَنَّهُ (لَمْ يُوضَعْ لِلتَّلَفِ) بَلْ وُضِعَ لِسَيْرِ الدَّابَّةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ (وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) أَيْ فِي التَّلَفِ (بَلْ طَرِيقٌ إلَيْهِ) وَإِنَّمَا هُوَ طَرِيقٌ إلَى الْوُصُولِ إلَيْهِ وَالْعِلَّةُ لِلتَّلَفِ إنَّمَا هُوَ وَطْءُ الدَّابَّةِ بِقَوَائِمِهَا ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ النَّفْسَ (فَالسَّبَبُ) أَيْ فَهَذَا السَّبَبُ (فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ) لِكَوْنِ الْعِلَّةِ مُضَافٌ إلَيْهِ وَحَادِثَةٌ بِهِ لِأَنَّ السَّوْقَ يَحْمِلُ الدَّابَّةَ عَلَى ذَلِكَ كُرْهًا وَلِهَذَا كَانَ مَشْيُهَا عَلَى مُوَافَقَةِ طَبْعِ السَّائِقِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ هَذَا السَّبَبِ.

(حُكْمُهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِيمَا يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْمَحَلِّ) أَيْ مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَهُوَ الضَّمَانُ (لَا) فِيمَا يَرْجِعُ إلَى (جَزَاءِ الْمُبَاشَرَةِ فَعَلَيْهِ) أَيْ السَّائِقِ (الدِّيَةُ) إذَا وَطِئَتْ آدَمِيًّا فَقَتَلَتْهُ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَحَلِّ وَالسَّوْقُ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ شَرْعًا وَعَقْلًا لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لَا مُطْلَقًا وَقَدْ فَاتَتْ بِالتَّلَفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ فَيُجْبَرُ بِالْبَدَلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلضَّمَانِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْعَجْمَاءُ إنَّمَا يَكُونُ فِعْلُهَا جُبَارًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا قَائِدٌ وَلَا سَائِقَ ثَمَّ (لَا) يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (حِرْمَانُ الْإِرْثِ وَنَحْوُهُ) مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّهَا جَزَاءُ الْمُبَاشَرَةِ.

(وَالشَّهَادَةُ) أَيْ وَكَشَهَادَةِ الشُّهُودِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ سَبَبٌ (لِلْقِصَاصِ) أَيْ لِوُجُوبِهِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ (لَمْ تُوضَعْ لَهُ) أَيْ لِلْقِصَاصِ (وَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ بَلْ) هِيَ (طَرِيقُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (وَعِلَّتُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (الْمُتَوَسِّطِ) أَيْ مَا تَوَسَّطَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ (مِنْ فِعْلِ) الْفَاعِلِ (الْمُخْتَارِ الْمُبَاشِرِ لِلْقَتْلِ لَكِنْ فِيهِ) أَيْ فِي السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الشَّهَادَةُ (مَعْنَى الْعِلَّةِ لِأَنَّهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (مُؤَدِّيَةٌ إلَى الْقَتْلِ بِوَاسِطَةِ إيجَابِهَا الْقَضَاءَ) عَلَى الْقَاضِي بِهِ حَتَّى حَكَمَ بِوُجُوبِهِ (وَاخْتِيَارُ الْوَلِيِّ إيَّاهُ) أَيْ وَبِوَاسِطَةِ اخْتِيَارِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْقَتْلَ (عَلَى الْعَفْوِ) إذْ لَوْلَاهَا لَمْ يَتَسَلَّطْ الْوَلِيُّ عَلَى قَتْلِهِ (فَعَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (بِرُجُوعِهِمْ) عَنْ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ (الدِّيَةُ) لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَحَلِّ (لَا الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ جَزَاءُ الْمُبَاشَرَةِ) أَيْ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ بِطَرِيقِ الْمُمَاثَلَةِ وَلَا مُبَاشَرَةَ مِنْهُمْ (وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَصُّ) مِنْ الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ (إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ) وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْبَلُ بِشَهَادَتِنَا أَوْ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْبَلُ بِهَا (وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمْ قَبُولُهُمْ) وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ مِثْلُهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ حَلَفُوا عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَعُزِّرُوا وَتَجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي أَمْوَالِهِمْ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَتَكُونَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا قَالَ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ فِي الصُّورَتَيْنِ (جَعْلًا لِلسَّبَبِ) الْقَوِيِّ (الْمُؤَكَّدِ بِالْقَصْدِ الْكَامِلِ كَالْمُبَاشَرَةِ) فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ (دَفَعَ) قَوْلُهُ (بِأَنَّ الْقِصَاصَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَلَيْسَتْ) الْمُمَاثَلَةُ ثَابِتَةً (بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ وَإِنْ قَوِيَ) السَّبَبُ وَتَأَكَّدَ وَفِي الْكَشْفِ وَالتَّحْقِيقِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ لِهَذَا السَّبَبِ حُكْمُ الْعِلَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِ لَمَّا حَدَثَتْ بِالْأُولَى صَارَتْ الْعِلَّةُ الْأَخِيرَةُ حُكْمًا لِلْأُولَى مَعَ حُكْمِهَا لِأَنَّ حُكْمَ الثَّانِيَةِ مُضَافٌ إلَيْهَا وَهِيَ مُضَافَةٌ إلَى الْأُولَى فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ عِلَّةٍ لَهَا حُكْمَانِ اهـ.

قُلْت فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِيهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ (وَمِنْهُ) أَيْ السَّبَبِ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ (وَضْعُ الْحَجَرِ) فِي الطَّرِيقِ (وَإِشْرَاعُ الْجَنَاحِ) فِيهِ (وَالْحَائِطُ الْمَائِلُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ) أَيْ وَتَرْكُ هَدْمِ الْحَائِطِ إذَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ أَوْ إلَى دَارِ جَارِهِ بَعْدَ مُطَالَبَةِ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْجَارُ وَلَوْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا عَلَى الثَّانِي صَاحِبُهُ يَنْقُضُهُ إذْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ تَصْلُحُ أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إلَيْهَا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْوَجْهُ أَنَّهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ هَذِهِ (مِثْلُهُ) أَيْ السَّبَبِ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ فِي حُكْمِهِ (لِتَعَدِّيهِ فِي إبْقَاءِ الْفِعْلِ السَّبَبَ) لَا أَنَّهُ مِنْ السَّبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>