للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - ثُمَّ اخْتَلَفَ قَائِلُوهُ فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَهُ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ فِي اعْتِبَارِهِ إرْهَاقَ الضَّرُورَةِ إلَى الْحُكْمِ فِي وَاقِعَةٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا إلَّا الْوَصْفُ الشَّبَهِيُّ وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ قِيَاسُ الْمَعْنَى تَحْقِيقٌ وَالشَّبَهُ تَقْرِيبٌ وَالطَّرْدُ تَحَكُّمٌ ثُمَّ قَالَ قِيَاسُ الْمَعْنَى مَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ وَيَسْتَدْعِيهِ وَيُؤَثِّرُ فِيهِ وَالطَّرْدُ عَكْسُهُ وَالشَّبَهُ أَنْ يَكُونَ فَرْعٌ تَجَاذَبَهُ أَصْلَانِ فَيُلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا بِنَوْعِ شَبَهٍ مُقَرِّبٍ أَيْ يُقَرِّبَ الْفَرْعَ مِنْ الْأَصْلِ فِي الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبَيَانِ الْمَعْنَى وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (وَيُقَالُ) الشَّبَهُ (أَيْضًا لَا شَبَهِيَّةَ وَصْفَيْنِ فِي فَرْعٍ تَرَدَّدَ) الْفَرْعُ (بِهِمَا) أَيْ الْوَصْفَيْنِ (بَيْنَ أَصْلَيْنِ كَالْآدَمِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ وَالْمَالِيَّةُ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ تَرَدُّدُ) الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ (بِهِمَا) أَيْ بِالْآدَمِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ (بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ) وَلَفْظُ الْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ كَالنَّفْسِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّهُ تَرَدَّدَ بِهِمَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْفَرَسِ وَهُوَ بِالْحُرِّ أَشْبَهُ إذْ مُشَارَكَتُهُ لَهُ فِي الْأَوْصَافِ وَالْأَحْكَامِ أَكْثَرُ اهـ.

وَهُوَ أَوْلَى فَقِيَاسُ الْعَبْدِ عَلَى الْحُرِّ وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ قَاتِلِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ نَفْسٌ مَنْ بَنِي آدَمَ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ دِيَتُهُ قِيمَتُهُ وَلَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةً وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْفَرَسِ حَتَّى تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَالٌ كَسَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ إذْ مُشَارَكَةُ الْعَبْدِ لِلْحُرِّ فِي الْأَوْصَافِ كَكَوْنِهِ نَاطِقًا قَابِلًا لِلصِّنَاعَاتِ وَالْأَحْكَامُ كَكَوْنِهِ مُكَلَّفًا أَكْثَرُ مِنْ مُشَارَكَتِهِ لِلْفَرَسِ قَالُوا وَالشَّافِعِيُّ يُسَمِّي هَذَا قِيَاسَ عِلِّيَّةِ الْأَشْبَاهِ وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ أَعْلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ ثُمَّ الْقِيَاسُ الصُّورِيُّ كَقِيَاسِ الْخَيْلِ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لِلشَّبَهِ الصُّورِيِّ بَيْنَهُمَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَنْسُبُونَ الدَّوَرَانَ لِأَهْلِ الطَّرْدِ وَكَذَا السَّبْرُ) يَنْسُبُونَهُ إلَيْهِمْ (إذْ يُرِيدُونَ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ بِأَهْلِ الطَّرْدِ (مَنْ لَا يَشْتَرِطُ ظُهُورَ التَّأْثِيرِ) فِي الْوَصْفِ الْمُدَّعَى عِلَّةً (وَعَلِمْتَ) فِي الْكَلَامِ عَلَى اعْتِبَارَ الشَّارِعِ الْوَصْفَ عِلَّةً فِي الْمَرْصَدِ الْأَوَّلِ (أَنَّهُ) أَيْ التَّأْثِيرَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (يُسَاوِي الْمُلَاءَمَةَ عِنْدَهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ.

(وَعَلَى هَذَا) أَيْ تَسَاوِي التَّأْثِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمُلَاءَمَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (فَمِنْ الطَّرْدِ الْإِخَالَةُ) أَيْ يَكُونُ شَامِلًا لَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّأْثِيرِ (وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَوْنَ الْإِخَالَةِ مِنْ الطَّرْدِ عِنْدَهُمْ (تَصْرِيحُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (بِأَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ النَّظَرِ مَالُوا إلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ) أَيْ بِالطَّرْدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ وَغَيْرِهِ (وَمَعْلُومٌ تَصْرِيحُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (بِأَنَّ عِلَلَ الشَّرْعِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُنَاسَبَةِ فَلَيْسَ أَهْلُهُ) أَيْ الطَّرْدِ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (إلَّا مَنْ ذَكَرْنَا) أَيْ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ ظُهُورَ التَّأْثِيرِ (فَلَا أَحَدَ يُضِيفُ حُكْمَ الشَّرْعِ إلَى مَا لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ أَصْلًا كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ فَالطَّرْدُ مَا لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ يَثْبُتُ اعْتِبَارُهَا اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ) فِي الْمُنَاسَبَةِ إنَّمَا هُوَ (فِيمَا بِهِ) يَثْبُتُ اعْتِبَارُهَا (فَالْحَنَفِيَّةُ لَيْسَ) شَيْءٌ يُثْبِتُ اعْتِبَارَهَا (إلَّا التَّأْثِيرَ الَّذِي هُوَ الْمُلَاءَمَةُ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ) يُثْبِتُ اعْتِبَارَهَا (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْمُلَاءَمَةِ (أَيْضًا وَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ الشَّارِعَ إذَا وَضَعَ أَمْرًا عَلَامَةً عَلَى حُكْمٍ كَالدُّلُوكِ) أَيْ كَوَضْعِهِ زَوَالَ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبَهَا عَلَامَةً (عَلَى الْوُجُوبِ) لِلصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] (أُضِيفَ) ذَلِكَ الْحُكْمُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ عَلَامَةً عَلَيْهِ (لَكِنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الْأَمْرَ (لَيْسَ عِلَّةً) لِذَلِكَ الْحُكْمِ (إلَّا مَجَازًا) وَالْعِلَّةُ لَهُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الْخِطَابُ.

(وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمَارَةَ فِي اصْطِلَاحِ الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَتْ بِشُهْرَةِ الْعَلَامَةِ) بَلْ الْعَلَامَةُ عِنْدَهُمْ أَشْهَرُ مِنْ الْأَمَارَةِ (وَتَقْسِيمُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (الْخَارِجَ) عَنْ الْحُكْمِ (الْمُتَعَلِّقَ بِالْحُكْمِ) أَيْ بِذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُفِيدِ كَوْنَ الْعَلَامَةِ مِنْ مَاصَدَقَاتِهِ وَإِخْرَاجُ الرُّكْنِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَقْسَامِهِ أَنَّ مَا يَكُونُ حُكْمًا مُتَعَلِّقُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ يَنْقَسِمُ (إلَى مُؤَثَّرٍ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ الْآخَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي الْكَلَامِ فِي اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْوَصْفَ عِلَّةً (وَ) إلَى (مُفْضٍ إلَيْهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحُكْمِ (بِلَا تَأْثِيرِ الْعِلَّةِ) وَهُوَ الْأَوَّلُ (وَالسَّبَبُ) وَهُوَ الثَّانِي (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُؤَثِّرًا فِيهِ وَلَا مُفْضِيًا إلَيْهِ.

(فَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ) أَيْ الْحُكْمِ الْخَارِجِ (الْوُجُودُ) أَيْ وُجُودُ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>