وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ فَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَا مَالَ لَهُ حَاضِرٌ فَلَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ وَاجِبِهَا بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهِ بِالْإِعْسَارِ، وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا بِغَيْبَةِ مَالِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَكُلِّفَ إحْضَارَهُ) عَاجِلًا أَمَّا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ فَلَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنَا أُحْضِرُهُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَا بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ) يَسَارًا وَإِعْسَارًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُقْتَضَى، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا) فَسْخَ (لِوَلِيٍّ) ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّهْوَةِ، وَالطَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ لَا دَخْلَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ (وَلَا) فَسْخَ (فِي غَيْرِ مَهْرٍ لِسَيِّدِ أَمَةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لَهُ
(تَنْبِيهٌ)
لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا بِالْبَلَدِ خَفِيَ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَذْكُرَ عِلْمَهَا بِهِ وَلَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْفَسْخِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَانْظُرْ عَلَى قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ لَوْ حَضَرَ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بِالْبَلَدِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ الْفَسْخُ أَوْ لَا اهـ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ إذَا غَابَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ عَنْ زَوْجَتِهِ فَلَيْسَ لَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ فَيَبْعَثُ قَاضِي بَلَدِهَا إلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَيُلْزِمُهُ بِدَفْعِ نَفَقَتِهَا إنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ جَوَازَ الْفَسْخِ لَهَا إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا فِي غَيْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ، وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ النَّفَقَةِ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهَا بِالْإِفْلَاسِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبَيْ الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَأَقَرَّهُ لَا بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ يَسَارًا وَإِعْسَارًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُقْتَضَى نَعَمْ لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عِنْدَ حَاكِمِ بَلَدِهَا بِإِعْسَارِهِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ اهـ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ خَلَاصِ حَقِّهَا فِي الْحَاضِرِ بِالْحَاكِمِ بِأَنْ يُلْزِمَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْغَائِبِ بِبَعْثِ الْحَاكِمِ إلَى بَلَدِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا بِغَيْبَةِ مَالِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ لِلْخَوْفِ لَمْ تَفْسَخْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَمْ تَفْسَخْ مُعْتَمَدٌ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاقْتِرَاضِ أَوْ نَحْوِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا إلَخْ) أَيْ لَهَا الْفَسْخُ حَالًا فَلَا تُكَلَّفُ الْإِمْهَالَ لِلضَّرُورَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ أَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ اهـ شَرْحُ م ر وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا غَابَ هُوَ مُوسِرًا فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ، وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الْإِمْهَالِ) أَيْ إمْهَالِ الْمُعْسِرِينَ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فِيهَا أُمْهِلَ ثَلَاثَةً أُخْرَى، فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فِيهَا فَسَخَتْ وَلَا يُمْهَلُ مُدَّةً ثَالِثَةً اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُقْتَضَى) بَلْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَابَ مُعْسِرًا لَمْ تَفْسَخْ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ، وَإِنْ عُلِمَ اسْتِنَادُهَا لِلِاسْتِصْحَابِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ، وَإِنْ عُلِمَ اسْتِنَادُهَا أَيْ مَنْ شَهِدَتْ الْآنَ يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ بِإِعْسَارِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِ مَالٍ لَهُ وَكَمَا يَقْبَلُهَا الْقَاضِي مَعَ ذَلِكَ لِلْبَيِّنَةِ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِلِاسْتِصْحَابِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ لِوَلِيٍّ) أَيْ وَلِيِّ كُلٍّ مِنْ الرَّشِيدَةِ وَالسَّفِيهَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَإِنَّمَا الْفَسْخُ لِلرَّشِيدَةِ وَالسَّفِيهَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا فَسْخٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ
(قَوْلُهُ: فَنَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ) لَا يُقَالُ هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ فِيمَنْ يُمْكِنُهَا الْفَسْخُ لِكَوْنِهَا بَالِغَةً غَافِلَةً فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْ الْقَرِيبِ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَهُوَ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُمَا عَنْ الْقَرِيبِ بِنِكَاحِ الْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِمَا مِنْ الْفَسْخِ عُذْرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَنَفَقَتُهَا إلَخْ خَاصٌّ بِالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، وَفِي ع ش عَلَى م ر وَمَا تَقْتَضِي عَدَمَ الْخُصُوصِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ: فَنَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْبَالِغَةَ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ نَفَقَتِهَا لِيُلْجِئَهَا إلَى الْفَسْخِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ حَيْثُ كَانَ لِسَيِّدِهَا إلْجَاؤُهَا إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَهَا: اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ أَوْ الْعُرْي أَوْ افْسَخِي بِأَنَّ نَفَقَةَ الْحُرَّةِ سَبَبُهَا الْقَرَابَةُ وَلَا يُمْكِنُهُ إسْقَاطُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إزَالَةِ وُجُوبِهَا عَنْهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا فَكَانَ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ دُونَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ، وَمِمَّنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا حَالَ النِّكَاحِ بَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ مَيَاسِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مُنْفِقٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ فِي غَيْرِ مَهْرٍ لِسَيِّدِ أَمَةٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَتَسْتَقِلُّ الْأَمَةُ بِالْفَسْخِ لِلنَّفَقَةِ كَمَا تَفْسَخُ بِجُبِّهِ وَعُنَّتِهِ وَلِأَنَّهَا صَاحِبَةُ حَقٍّ فِي تَنَاوُلِ النَّفَقَةِ فَإِنْ أَرَادَتْ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا فَإِنْ ضَمِنَ السَّيِّدُ النَّفَقَةَ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُهَا فَإِنْ ضَمِنَهَا لَهَا بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِهَا صَحَّ وَلَوْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute