(وَهِبَةُ الدَّيْنِ) الْمُسْتَقِرِّ (لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى (وَلِغَيْرِهِ) هِبَةٌ (صَحِيحَةٌ) كَمَا صَحَّحَهُ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِهِ بَلْ أَوْلَى وَصَحَّحَ الْأَصْلُ بُطْلَانَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ لَهُ فِي بَيْعِهِ، وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ فِي هِبَةِ غَيْرِ الْمَنَافِعِ أَمَّا هِبَتُهَا فَفِيهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ بِنَاءً عَلَى أَنْ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةً، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ أَمَانَةٌ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا (وَتَصِحُّ بِعُمْرَى وَرُقْبَى) فَالْعُمْرَى (كَأَعْمَرْتُكَ هَذَا)
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَذْكُورِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْ الْبَالِغِ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ فَلِلْمُبِيحِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا هَذَا وَمَحَلُّ الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَلِيِّ بِالدَّفْعِ لَهُمْ سِيَّمَا إنْ كَانَ ذَلِكَ يُعَوِّدُهُمْ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَالرَّذَالَةِ فَيَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ لَهُمْ لَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ الظَّاهِرَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ سم، وَلَوْ وُهِبَ لِمَحْجُورٍ شَيْءٌ وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَثِمَ وَانْعَزَلَ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْعَزَلَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَأَثِمَا لِتَرْكِهِمَا الْأَحَظَّ بِخِلَافِ الْجَدِّ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِمَا ثُمَّ قَالَ، فَإِنْ وَهَبَ لِلصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ وَلِيٌّ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَلْ لَهُ الْحَاكِمُ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ أَبًا أَوْ جَدًّا تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ اهـ. ثُمَّ قَالَ مَا حَاصِلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ قَبُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ قَبُولُ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ أَوْ نِصْفِ مَا وُهِبَ لَهُمَا؟ وَجْهَانِ اهـ. قَالَ م ر وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا اهـ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَهِبَةُ الدَّيْنِ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَشُرِطَ فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ أَيْ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَقِرِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا بَطَلَتْ جَزْمًا، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ بِقَيْدٍ هَذَا مَا تَحَرَّرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ. شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ الْمُسْتَقِرِّ خَرَجَ بِهِ نَحْوُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لِتَعَرُّضِهِ لِلسُّقُوطِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر الْمُرَادُ بِالْمُسْتَقِرِّ مَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لِيَخْرُجَ نَحْوُ نُجُومِ الْكِتَابَةِ كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْتَقِرِّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِغَيْرِهِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَإِلَّا فَنُجُومُ الْكِتَابَةِ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ هِبَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ اهـ. بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَتِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْأَصْلَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي أَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُعْتَمَدٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَهُوَ بِاسْتِيفَاءِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ لَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِهِ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَقِيسِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْمَدِينِ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ هِبَتِهِ بِأَنَّ بَيْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ الْتِزَامٌ لِتَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فِي مُقَابِلَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَالِالْتِزَامُ فِيهَا صَحِيحٌ بِخِلَافِ هِبَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الِالْتِزَامَ إذْ لَا مُقَابِلَ فِيهَا فَكَانَتْ بِالْوَعْدِ أَشْبَهَ فَلَمْ تَصِحَّ وَبِتَأَمُّلِ هَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَخْرِيجِ هَذَا عَلَى ذَاكَ وَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ هِبَتِهِ بِالْأَوْلَى إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ تَمْلِيكُ تَطَوُّعٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إلَخْ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْبِنَاءِ فِي هَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَنَّهَا تَمْلِيكٌ) وَعَلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُ بِالْقَبْضِ، وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةَ بِالِاحْتِيَاجِ فِيهَا لِتَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْفَعَةِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُعِيرُ اهـ. سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ لِعَدَمِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا، وَقَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةَ أَيْ حَيْثُ حَصَلَ فِيهَا قَبْضُ الْمَنْفَعَةِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ حَتَّى يَجُوزَ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ) مُعْتَمَدٌ قَالَ م ر وَلِلْخِلَافِ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّ الدَّارَ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُتَّهَبِ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ عَدَمِ الْمِلْكِ بِخِلَافِهَا عَلَى الثَّانِي أَيْ الْمِلْكِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَائِدَةُ كَوْنِهَا عَارِيَّةً أَنَّهَا لَوْ انْهَدَمَتْ ضَمِنَهَا الْمُتَّهَبُ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا غَيْرُ عَارِيَّةٍ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ بِعُمْرَى إلَخْ) هَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرَطَ فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ إذْ كَانَ مُقْتَضَاهُ الْفَسَادَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَالتَّأْقِيتِ، وَوَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مَعَ الْمُتَّهَبِ بَلْ مَعَ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْهُمْ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ مَعَ الْعَاقِدِ كَانَ الْعَدَمُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَصِحُّ بِعُمْرَى وَرُقْبَى) فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَبُولُ وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ الْعَالِمِ بِمَعْنَاهَا وَالْجَاهِلِ بِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْكِتَابَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ قَرِيبَ الْإِسْلَامِ وَجَاهِلَ الْأَحْكَامِ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ بِلَفْظِهِ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ اهـ وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ وَلَوْ بِوَجْهٍ حَتَّى يُقْصَدَ.
نَعَمْ مَنْ أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute