فَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ (سُنَّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ» وَهُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا بِقَدْرِ الْبَاقِلَّا (وَمَنْ عَجَزَ) عَنْ الرَّمْيِ لِعِلَّةٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهَا
ــ
[حاشية الجمل]
يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الظَّاهِرَ ظُهُورًا تَامًّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالنَّاسُ فِي زَمَنِهِ لَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَيَتْرُكُونَ مَحَلَّهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَنُقِلَ فَإِنَّهُ غَرِيبٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ) أَيْ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إصَابَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهِ وَبَقَاءُ الرَّمْيِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْإِيعَابِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) وَيُكْرَهُ بِأَكْبَرَ وَبِأَصْغَرَ مِنْهُ وَبِهَيْئَةِ الْخَذْفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهَا الشَّامِلِ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ اهـ. حَجّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر، وَهَيْئَةُ الْخَذْفِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَنْ يَضَعَ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ إبْهَامِهِ وَيَرْمِيَهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ. اهـ.
وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ وَيَتَعَلَّقُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَسَائِلُ إلَى أَنْ قَالَ الثَّانِيَةُ السُّنَّةُ أَنْ يَأْتِيَ الْجَمْرَةَ الْأُولَى مِنْ أَسْفَلَ وَيَصْعَدَ إلَيْهَا وَيَعْلُوَهَا حَتَّى يَكُونَ مَا عَنْ يَسَارِهِ أَقَلَّ مِمَّا عَنْ يَمِينِهِ وَيَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَاحِدَةً وَاحِدَةً يُكَبِّرُ عَقِبَ كُلِّ حَصَاةٍ كَمَا سَبَقَ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ عَنْهَا وَيَنْحَرِفُ قَلِيلًا وَيَجْعَلُهَا فِي قَفَاهُ وَيَقِفُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُصِيبُهُ الْمُتَطَايِرُ مِنْ الْحَصَى الَّذِي يُرْمَى وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيُسَبِّحُ وَيَدْعُو مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ وَخُشُوعِ الْجَوَارِحِ وَيَمْكُثُ كَذَلِكَ قَدْرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ الْوُسْطَى وَيَصْنَعُ فِيهَا كَمَا صَنَعَ فِي الْأُولَى وَيَقِفُ لِلدُّعَاءِ كَمَا وَقَفَ فِي الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ عَنْ يَسَارِهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِيهَا، بَلْ يَتْرُكُهَا بِيَمِينٍ وَيَقِفُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ مُنْقَطِعًا عَنْ أَنْ يُصِيبَهُ الْحَصَى، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ الَّتِي رَمَاهَا يَوْمَ النَّحْرِ فَيَرْمِيهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ إلَى أَنْ قَالَ الثَّامِنَةُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَرَمَيَاتِ الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ سُنَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ وَاجِبَةٌ إلَى أَنْ قَالَ الْحَادِيَةَ عَشَرَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمِيَ فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَاشِيًا وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَاكِبًا؛ لِأَنَّهُ يَنْفِرُ فِي الثَّالِثِ عَقِبَ رَمْيِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى رُكُوبِهِ، الثَّانِيَةَ عَشَرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ وَأَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَ الْمَنَارَةِ عِنْدَ الْأَحْجَارِ الَّتِي أَمَامَهَا فَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ أَنَّهُ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى حُضُورِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْفَرَائِضِ فَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ فِي فَضْلِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ وَالصَّلَاةَ فِيهِ آثَارًا إلَى أَنْ قَالَ الْخَامِسَةَ عَشَرَ فِي حِكْمَةِ الرَّمْيِ اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ الْعِبَادَةِ الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ كُلُّهَا لَهَا مَعَانٍ قَطْعًا فَإِنَّ الشَّرْعَ لَا يَأْمُرُ بِالْعَبَثِ، ثُمَّ إنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ قَدْ يَفْهَمُهُ الْمُكَلَّفُ وَقَدْ لَا يَفْهَمُهُ، فَالْحِكْمَةُ فِي الصَّلَاةِ التَّوَاضُعُ وَالْخُضُوعُ وَإِظْهَارُ الِافْتِقَارِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحِكْمَةُ فِي الصَّوْمِ كَسْرُ النَّفْسِ وَفِي الزَّكَاةِ مُوَاسَاةُ الْمُحْتَاجِ وَفِي الْحَجِّ إقْبَالُ الْعَبْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ إلَى بَيْتٍ فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَشَرَّفَهُ كَإِقْبَالِ الْعَبْدِ إلَى مَوْلَاهُ ذَلِيلًا وَمِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا تُفْهَمُ مَعَانِيهَا السَّعْيُ وَالرَّمْيُ فَكُلِّفَ الْعَبْدُ بِهِمَا لِيَتِمَّ انْقِيَادُهُ فَهَذَا النَّوْعُ لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ وَلَا أُنْسَ لِلْعَقْلِ بِهِ فَلَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَكَمَالُ الِانْقِيَادِ فَهَذِهِ إشَارَةٌ مُخْتَصَرَةٌ تُعْرَفُ فِيهَا الْحِكْمَةُ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، السَّادِسَةَ عَشَرَ إذَا نَفَرَ مِنْ مِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ انْصَرَفَ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ رَاكِبًا كَمَا هُوَ يُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمِنًى، بَلْ يُصَلِّيهَا بِالْمَنْزِلِ الْمُحَصَّبِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ صَلَّاهَا بِمِنًى جَازَ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ وَلَيْسَ عَلَى الْحَاجِّ بَعْدَ نَفْرِهِ مِنْ مِنًى عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ.
السَّابِعَةَ عَشَرَ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى الْمُحَصَّبَ فَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَهَجَعَ هَجْعَةً، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ» وَهَذَا التَّحْصِيبُ مُسْتَحَبٌّ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ هُوَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَمَنَاسِكِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ التَّحْصِيبُ سُنَّةً إنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا الْمُحَصَّبُ بِالْأَبْطَحِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلِ الَّذِي عِنْدَهُ مَقَابِرُ مَكَّةَ وَالْجَبَلِ الَّذِي يُقَابِلُ مُصَعِّدًا فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إلَى مِنًى مُرْتَفِعًا عَنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَيْسَتْ الْمَقْبَرَةُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْبَاقِلَاءُ) بِالتَّشْدِيدِ مَعَ الْقَصْرِ وَبِالتَّخْفِيفِ مَعَ الْمَدِّ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ اهـ. شَيْخُنَا.
١ -
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَجِيرَ عَيْنٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَقَوْلُهُ أَنَابَ أَيْ وُجُوبًا فِي وَقْتِ الرَّمْيِ وَجَوَازًا قَبْلَهُ اهـ. حَجّ وسم عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِعِلَّةٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ لِنَحْوِ مَرَضٍ وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي إسْقَاطِهِ لِلْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ بِأَنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَقْتَهُ وَلَوْ ظَنًّا وَلَا