للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجْلِسْ عَلَى وَرِكِهِ، وَالصِّفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا مِثْلُهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي جَمِيعِ جُلُوسِ الصَّلَوَاتِ (وَإِنْ شِئْت حَنَيْت الْيُمْنَى فِي انْتِصَابِهَا فَجَعَلْت جَنْبَ بُهْمِهَا) فَقَطْ (إلَى الْأَرْضِ) وَتَتْرُكُ الْقَدَمَ قَائِمًا (فَوَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ (ثُمَّ) إذَا جَلَسْت بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (تَتَشَهَّدُ وَالتَّشَهُّدُ) أَيْ لَفْظُهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا (التَّحِيَّاتُ) أَيْ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمُلْكِ مُسْتَحَقَّةٌ (لِلَّهِ) تَعَالَى (الزَّاكِيَاتُ) أَيْ النَّامِيَاتُ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ (لِلَّهِ) تَعَالَى (الطَّيِّبَاتُ) أَيْ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهِيَ ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ (الصَّلَوَاتُ) الْخَمْسُ (لِلَّهِ) تَعَالَى (السَّلَامُ) اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَيْ اللَّهِ (عَلَيْك) حَفِيظٌ وَرَاضٍ (أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) زَادَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُوَطَّأِ (وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ خَيْرَاتُهُ الْمُتَزَايِدَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَا تَقْعُدْ عَلَى رِجْلِك الْيُسْرَى لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلُ: بِأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى قَدَمِهِ الْأَيْسَرِ اهـ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ عَلَى وَرِكِهِ الْأَيْسَرِ] فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ بِمَعْنَى وَضْعِ الْأَلْيَتَيْنِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، عَلَى أَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ مُلَاصَقَةُ الْأَلْيَةِ الْيُسْرَى بِالْأَرْضِ.

فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ إذَا أَفْضَى بِأَلْيَتِهِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَالِسًا عَلَى قَدَمِهِ الْأَيْسَرِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْوَرِكِ لُصُوقَهُ بِالْأَرْضِ، وَلَمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَضْعِ الْأَلْيَةِ الْيُسْرَى عَلَى الْأَرْضِ تَلَازُمٌ صَرَّحَ بِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُتَقَدِّمِ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا جَلَسَ عَلَى قَدَمِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي وَجْهِ التَّكْرَارِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ شِئْت حَنَيْت إلَخْ] قَالَ ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي جَنْبِ الْبَهْمِ خِلَافَ قَوْلِ الْبَاجِيِّ يَكُونُ بَاطِنُ إبْهَامِهَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ لَا جَنْبَهَا اهـ.

وَقَوْلُ الْبَاجِيِّ: هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا ذَكَرُوا. [قَوْلُهُ: وَالتَّشَهُّدُ] إنَّمَا سُمِّيت هَذِهِ الْأَلْفَاظُ بِالتَّشَهُّدِ لِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالتَّشَهُّدُ سُنَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ بِاللَّفْظِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا أَوْ عِنْدَ غَيْرِنَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَفْظُهُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ [قَوْلُهُ: أَيْ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمُلْكِ] أَيْ كَمَلَكَ.

[قَوْلُهُ: مُسْتَحَقَّةٌ] بِفَتْحِ الْحَاءِ. [قَوْلُهُ: الزَّاكِيَاتُ] حُذِفَتْ الْوَاوُ اخْتِصَارًا وَهُوَ جَائِزٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ تَقْدِيرُهُ وَالزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ وَالطَّيِّبَاتُ، وَالصَّلَوَاتُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ] أَيْ لِأَنَّهَا تَزْكُو، أَيْ ثَوَابُهَا يَزْكُو وَيَنْمُو وَهِيَ تَتَزَايَدُ فِي نَفْسِهَا لِأَنَّ تَحْسِينَ الْعَمَلِ سَبَبٌ فِي التَّوْفِيقِ لِزِيَادَتِهِ [قَوْلُهُ: هِيَ ذِكْرُ اللَّهِ] أَيْ الْمَذْكُورُ الْمُتَعَلِّقُ بِاَللَّهِ وَحَمَلْنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْكَلِمَاتِ لَيْسَتْ هِيَ نَفْسُ الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَلَمْ يَقُلْ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ كَمَا قَالَ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْمُسْتَلِذَّاتِ وَهِيَ لَا تَلِيقُ بِهِ.

[قَوْلُهُ: وَمَا وَالَاهُ] أَيْ مَا نَاسَبَهُ وَشَابَهَهُ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ حَسَنٍ. [قَوْلُهُ: الْخَمْسُ] أَيْ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَالتَّقْدِيرُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ قَصْدُ غَيْرِهِ بِهَا أَوْ هُوَ إخْبَارٌ عَنْ إخْلَاصِنَا الصَّلَوَاتِ لَهُ، أَيْ صَلَاتُنَا مُخْلِصَةٌ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الدُّعَاءُ، أَيْ الدَّعَوَاتُ الَّتِي يُتَضَرَّعُ بِهَا لَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الرَّحْمَةُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِلَّهِ، أَيْ أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا وَالْمُعْطِي لَهَا.

[قَوْلُهُ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ] وَقِيلَ: مَصْدَرُ الْأَصْلِ يُسَلِّمُ اللَّهُ عَلَيْك سَلَامًا ثُمَّ نُقِلَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْخَبَرِ. [قَوْلُهُ: عَلَيْك] الْأَحْسَنُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ حَفِيظٌ وَرَاضٍ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا وَالتَّقْدِيرُ اللَّهُ رَاضٍ عَلَيْك وَحَفِيظٌ، لَكِنْ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ حَفِيظٌ. [قَوْلُهُ: أَيُّهَا النَّبِيُّ] قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ إنَّمَا قَالَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَلَمْ يَقُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لِأَجْلِ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِالْخِطَابِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، لِأَنَّ رَسُولًا عَامٌّ فِي رُسُلِ اللَّهِ وَرُسُلِ مُلُوكِ الدُّنْيَا وَأَمَّا النَّبِيَّ فَلَفْظٌ خَاصٌّ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، فَخَاطَبَهُ بِالْخَاصِّ فِي مَقَامِ الْخُصُوصِيَّةِ اهـ، وَهُوَ مَعْنًى لَطِيفٌ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يَنْبَغِي إذَا قَالَهُ الْمُصَلِّي أَنْ يَقْصِدَ حِينَئِذٍ الرَّوْضَةَ الشَّرِيفَةَ. [قَوْلُهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ إلَخْ] أَيْ إرَادَةُ إحْسَانِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَشْعَرِيُّ، فَيَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ أَوْ نَفْسَ الْإِحْسَانِ كَمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>