(اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (إيَّاكَ نَعْبُدُ) أَيْ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاكَ (وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى) أَيْ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ (وَنَحْفِدُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَعْنَاهُ نُسْرِعُ فِي الْعَمَلِ (نَرْجُو رَحْمَتَك) أَيْ نَطْمَعُ فِي نِعْمَتِك وَهِيَ الْجَنَّةُ (وَنَخَافُ عَذَابَك الْجِدَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الثَّابِتِ (إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَالْكَسْرُ بِمَعْنَى لَاحِقٌ وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ مُلْحِقُهُ بِالْكَافِرِينَ.
(ثُمَّ) إذَا فَرَغْت مِنْ قِرَاءَةِ الْقُنُوتِ فَإِنَّك تَهْوِي سَاجِدًا لَا تَجْلِسُ ثُمَّ تَسْجُدُ و (تَفْعَلُ فِي السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (كَمَا تَقَدُّمُ مِنْ الْوَصْفِ) فَفِي السُّجُودِ تُمَكِّنُ جَبْهَتَك وَأَنْفَك مِنْ الْأَرْضِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَفِي الْجُلُوسِ تُثْنِي رِجْلَك إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.
(فَإِذَا جَلَسْت بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ) مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِلتَّشَهُّدِ (نَصَبْت رِجْلَك الْيُمْنَى) أَيْ قَدَمَهَا.
(وَ) جَعَلْت (بُطُونَ أَصَابِعِهَا الْأَرْضَ وَثَنَيْت) أَيْ عَطَفْت رِجْلَك (الْيُسْرَى وَأَفْضَيْت) أَيْ أَلْصَقْت (بِأَلْيَتِك) أَيْ مُقْعَدَتِك الْيُسْرَى (إلَى الْأَرْضِ) . ع: هَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ، وَيُرْوَى بِأَلْيَتَيْك وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ عَلَيْهِمَا كَانَ إقْعَاءً وَهُوَ مَكْرُوهٌ.
وَقَوْلُهُ: (وَلَا تَقْعُدُ عَلَى رِجْلِك الْيُسْرَى) تَكْرَارٌ لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ عَلَى وَرِكِهِ الْأَيْسَرِ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى قَدَمِهِ، وَإِذَا جَلَسَ عَلَى قَدَمِهِ لَمْ
ــ
[حاشية العدوي]
هُوَ بُغْضُ الدِّينِ. [قَوْلُهُ: أَيْ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاكَ] فَتَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ لِلْحَصْرِ.
[قَوْلُهُ: وَلَك نُصَلِّي إلَخْ] ذَكَرَ الصَّلَاةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: إيَّاكَ نَعْبُدُ لِشَرَفِهَا وَذَكَرَ السُّجُودَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الصَّلَاةِ لِشَرَفِهِ قَالَ: عج، إنَّ السُّجُودَ أَشْرَفُ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ.
[قَوْلُهُ: نَسْعَى أَيْ إلَى الْجُمُعَةِ] فِيهِ قُصُورٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسِّرَ نَسْعَى بِنَعْمَلُ كَمَا فِي تت.
قَالَ عج وَيَدْخُلُ فِي هَذَا السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ، وَفِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ اهـ.
[قَوْلُهُ: أَيْ نَطْمَعُ فِي نِعْمَتِك وَهِيَ الْجَنَّةُ] قَالَ: تت وَالطَّمَعُ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ بِالْعَمَلِ، وَأَمَّا بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ فَهُوَ رِجَالُ الْكَذَّابِينَ اهـ.
وَعَلَى تَفْسِيرِ الرَّحْمَةِ بِذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْ صِفَةِ الذَّاتِ وَلَا مِنْ صِفَةِ الْفِعْلِ، وَقِيلَ: إنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَقِيلَ: مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِك إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا إذَا قَصَدَ بِهِ الْجَنَّةَ، لِأَنَّ قَصْدَ الْمَعْنَى الصَّحِيحِ أَكْثَرُ لَا إنْ قَصَدَ بِهِ الذَّاتَ الْعَلِيَّةَ فَلَا شَكَّ فِي الْمَنْعِ قَالَهُ عج، وَجَمَعَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّ شَأْنَ الْقَادِرِ أَنْ يُرْجَى فَضْلُهُ وَيُخَافَ نَكَالُهُ وَهَذِهِ حَالَةٌ حَسَنَةٌ، وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي حَالِ الْمَرَضِ فَتَغْلِيبُ الرَّجَاءِ عَلَى الْخَوْفِ أَفْضَلُ وَفِي حَالَةِ الصِّحَّةِ يَغْلِبُ الْخَوْفُ. [قَوْلُهُ: الثَّابِتَ] تَفْسِيرٌ لِلْحَقِّ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ] أَيْ أَنَّ الْفَتْحَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلَعَلَّهُ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ وَإِلَّا فَالْمَعْنَى مُسْتَقِيمٌ حَتَّى عَلَى الْفَتْحِ أَيْضًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي وَجْهِ الضَّعْفِ إنَّ الْكَسْرَ فِيهِ أَبْلَغِيَّةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَنْ يُلْحِقُهُ بِالْكَافِرِ بَلْ هُوَ يُلْحِقُهُمْ بِذَاتِهِ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ فَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى فَاعِلٍ. [قَوْلُهُ: فَالْكَسْرُ بِمَعْنَى لَاحِقٍ] أَيْ فَالْكَسْرُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَلْحَقَ اللَّازِمُ بِمَعْنَى لَحِقَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَلْحَقَ الْمُتَعَدِّي، أَيْ مُلْحِقٌ بِهِمْ الْهَوَانَ. [قَوْلُهُ: وَالْفَتْحُ] أَيْ فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولِ مِنْ أَلْحَقَ الْمُتَعَدِّي. [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ إلَخْ] أَيْ فَالْفَاعِلُ هُوَ الْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ هُوَ الْمَلَائِكَةُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ. [قَوْلُهُ: بِالْكَافِرِينَ] خَصَّهُمْ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعَاصِيَ يُعَذَّبُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَذَابُ الْمُحَتَّمُ شَرْعًا وَالْعَاصِي تَحْتَ الْمَشِيئَةِ.
[قَوْلُهُ: بِأَلْيَتَيْك] بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّازِمِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ عَلَيْهِمَا كَانَ إقْعَاءٌ] أَيْ يُشْبِهُ الْإِقْعَاءَ لَا إقْعَاءٌ حَقِيقَةً فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَقْعَى إقْعَاءً أَلْصَقَ أَلْيَتَهُ بِالْأَرْضِ وَنَصَبَ سَاقَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يَقْعَى الْكَلْبُ اهـ.
هَذَا تَفْسِيرٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَهُ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَذَا أَفَادَهُ التَّوْضِيحُ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ. [قَوْلُهُ: وَلَا تَقْعُدْ عَلَى رِجْلِك الْيُسْرَى] أَيْ قَدَمِك الْيُسْرَى قَالَ: تت أَشَارَ بِقَوْلِهِ: