للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّك تَقْنُتُ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (بَعْدَ) الرَّفْعِ مِنْ (الرُّكُوعِ وَإِنْ شِئْت) قَنَتَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ بَعْدَ تَمَامِ الْقِرَاءَةِ) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقُنُوتَ فَضِيلَةٌ لَا يَسْجُدُ فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَفْضَلُ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أَهُوَ قَبْلُ أَمْ بَعْدُ؟ فَقَالَ: قَبْلُ» «قِيلَ لِأَنَسٍ: إنَّ فُلَانًا يُحَدِّثُ عَنْكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ: كَذَبَ فُلَانٌ» . الْقَرَافِيُّ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَإِذَا قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يُكَبِّرُ.

وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا لَا يَرْفَعُ فِي التَّأْمِينِ وَلَا فِي دُعَاءِ التَّشَهُّدِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِسْرَارَ بِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالدُّعَاءُ يَنْبَغِي الْإِسْرَارُ بِهِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ، وَإِذَا نَسِيَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَنَتَ بَعْدَهُ وَلَا يَرْجِعُ مِنْ الرُّكُوعِ إذَا تَذَكَّرَ، فَإِنْ رَجَعَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ فَرْضٍ إلَى مُسْتَحَبٍّ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمَسْبُوقِ بِرَكْعَةٍ فَقِيلَ: يَقْنُتُ فِي قَضَائِهَا وَقِيلَ لَا يَقْنُتُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (وَالْقُنُوتُ) أَيْ لَفْظُهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (إنَّا نَسْتَعِينُك) أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْإِعَانَةَ عَلَى طَاعَتِك (وَنَسْتَغْفِرُك) أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْمَغْفِرَةَ وَهِيَ السَّتْرُ عَنْ الذُّنُوبِ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِهَا.

(وَنُؤْمِنُ) أَيْ نُصَدِّقُ (بِك) أَيْ بِوُجُودِك (وَنَتَوَكَّلُ) أَيْ نَعْتَمِدُ (عَلَيْك) فِي أُمُورِنَا (وَنَخْنَعُ) أَيْ نَخْضَعُ وَنُذَلُّ (لَك وَنَخْلَعُ) الْأَدْيَانَ كُلَّهَا لِوَحْدَانِيِّتِك (وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك) أَيْ يَجْحَدُك وَيَفْتَرِي عَلَيْك الْكَذِبَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَجْهٌ [قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقِيلَ: غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ سَجَدَ لَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ] أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ مُتَعَمِّدًا وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ.

[قَوْلُهُ: لِمَا فِي الصَّحِيحِ] أَيْ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الرِّفْقِ بِالْمَسْبُوقِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحُضُورِ الصَّحَابَةِ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ] وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَفْعِ يَدَيْهِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ. [قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ] وَقِيلَ يَجْهَرُ بِهِ كَمَا فِي بَهْرَامَ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ مِنْ الرُّكُوعِ إذَا تَذَكَّرَهُ] قَالَ: عج هَلْ أَرَادَ بِالرُّكُوعِ الِانْحِنَاءَ وَحِينَئِذٍ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حَصْرُهَا فِي الْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَإِنْ أَرَادَ الرَّفْعَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ إذَا رَجَعَ لَهُ بَعْدَ أَنْ انْحَنَى وَتَذَكَّرَهُ حِينَئِذٍ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ لَمْ تَبْطُلْ، وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُ خِلَافَهُ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ كَالسِّرِّ فِيهِ وَمَا مَعَهُ وَتَكْبِيرِ الْعِيدِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ مَنْ رَجَعَ لِتَشَهُّدٍ بَعْدَمَا اسْتَقَلَّ فَإِنَّ فِيهِ رُجُوعًا مِنْ فَرْضٍ إلَى غَيْرِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَقْنُتُ] وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْضِيَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَهِيَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قُنُوتٌ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي الْأُولَى هَذَا حِلُّ كَلَامِهِ.

قَالَ عج وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ الَّتِي يَقْضِيهَا الْمَسْبُوقُ الْقِرَاءَةُ خَاصَّةً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَقْوَالِ كَالْقُنُوتِ وَمَا يُقَالُ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَبِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقْنُتُ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبِنَاءِ فِي الْأَفْعَالِ.

[قَوْلُهُ: الْإِعَانَةَ عَلَى طَاعَتِك] الْأُولَى عِبَارَةُ تت حَيْثُ قَالَ، أَيْ نَطْلُبُ مَعُونَتَك وَحَذَفَ مُتَعَلِّقَهُ لِيَعُمَّ اهـ.

[قَوْلُهُ: أَيْ بِوُجُودِك] فِيهِ قُصُورٌ بَلْ مَعْنَاهُ، أَيْ نُصَدِّقُ بِمَا يَجِبُ لَك.

[قَوْلُهُ: وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك] قِيلَ: الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا زَيْدٌ فِي الرِّسَالَةِ وَلَيْسَ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك، وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ مِنْ لَفْظِ كُلِّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْخَيْرَ غَيْرُ مُثْبَتٍ فِي الرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُطِيقُ كُلَّ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فَتَرْكُهُ خَيْرٌ قَالَهُ بَعْضُ مَنْ شَرَحَ. [قَوْلُهُ: وَنَذِلُّ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

[قَوْلُهُ: وَنَخْلَعُ الْأَدْيَانَ كُلَّهَا] أَيْ الْأَدْيَانَ الْبَاطِلَةَ كُلَّهَا لِكَوْنِك وَاحِدًا أَيْ نَخْلَعُهَا مِنْ أَعْنَاقِنَا لِكَوْنِك إلَهًا وَاحِدًا لَا شَرِيكَ لَك. [قَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك إلَخْ] أَيْ نَطْرَحُ مَوَدَّةَ الْعَابِدِ لِغَيْرِك وَلَا نُحِبُّ دِينَهُ وَلَا نَمِيلُ إلَيْهِ. وَلَا يُعْتَرَضُ هَذَا بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ لِأَنَّ فِي تَزَوُّجِهَا مَيْلًا لَهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>