وَاجِبٌ، لَا سِيَّمَا مَعَ ظُهُورِ قَوْلٍ هُوَ بَاطِلٌ. وَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا سَكَتُوا لِرِضَاهُمْ بِمَا ظَهَرَ مِنْ الْقَوْلِ فَصَارَ كَالنُّطْقِ.
تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: [قُيُودٌ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيُّ] لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قُيُودٌ. الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَسَائِلِ التَّكْلِيفِ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: عَمَّارٌ أَفْضَلُ مِنْ حُذَيْفَةَ، لَا يَدُلُّ السُّكُوتُ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ إذْ لَا تَكْلِيفَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ. قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ "، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ " وَأَبُو الْحُسَيْنِ فِي الْمُعْتَمَدِ "، وَغَيْرُهُمْ. الْقَيْدُ الثَّانِي: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ بَلَغَ جَمِيعَ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَلَمْ يُنْكِرُوا، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا. قَالَهُ الصَّيْرَفِيُّ وَغَيْرُهُ، وَوَرَاءَهُ حَالَتَانِ. إحْدَاهُمَا: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ بُلُوغُهُمْ. فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ إجْمَاعٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ وَجَعَلَهُ دَرَجَةً دُونَ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَحْتَمِلَ بُلُوغُهُ وَعَدَمُهُ، فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَقِمْ لِلْحَنَفِيَّةِ الِاحْتِجَاجُ فِي وَطْءِ الثَّيِّبِ، هَلْ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ؟ وَقِيلَ: حُجَّةٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَفَصَّلَ الرَّازِيَّ، وَالْبَيْضَاوِيُّ، وَالْهِنْدِيُّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَنَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، كَانَ كَالسُّكُوتِيِّ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute