للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قُلْنَا: هُوَ حُجَّةٌ، فَلَيْسَ بِالْإِجْمَاعِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: إجْمَاعٌ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَصْرُ عَنْ قَائِمٍ بِالْحَقِّ.

وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ ": إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ قَوْلًا، وَلَمْ يَنْتَشِرْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ خَفِيٌّ، قُدِّمَ عَلَى الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ قَوْلًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ خَبَرٌ مُرْسَلٌ، فَإِنْ كَانَ مُتَجَرِّدًا عَنْ الْقِيَاسِ، فَهَلْ يُقَدَّمُ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ عَلَيْهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: الْجَدِيدُ يُقَدَّمُ الْقِيَاسُ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ ": هَذَا إذَا بَلَغَ كُلَّ الصَّحَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فِي كُلِّهِمْ، وَلَمْ يَرَ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ فَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ. وَهَلْ يَكُونُ حُجَّةً يُعْتَبَرُ بِمَا يُوَافِقُهُ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ يُخَالِفُ؟ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ مُوَافِقًا، ثُمَّ يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً بِالْقِيَاسِ. وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، فَالْقِيَاسُ أَوْلَى. وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعَهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ، وَيُخَالِفُهُ قِيَاسٌ خَفِيٌّ، فَقَوْلُهُ مَعَ الْقِيَاسِ أَوْلَى. وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعَ قَوْلِهِ قِيَاسٌ خَفِيٌّ، وَيُخَالِفُهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ. قَالَ فِي الْقَدِيمِ: قَوْلُهُ مَعَ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ أَوْلَى وَأَلْزَمُ مِنْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ أَوْلَى بِالْعَمَلِ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا إذَا نُقِلَ السُّكُوتُ، فَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ قَوْلٌ وَلَا سُكُوتٌ، فَيَجُوزُ أَنْ لَا يُلْحَقَ بِهَذَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى السُّكُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ شَيْئًا لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ. وَقَالَ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ: إنَّهُ يُتْرَكُ لِلْقَوْلِ الْمُنْتَشِرِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ، وَيُعْتَضَدُ بِهِ الْخَفِيُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّ عَدَمَ النَّقْلِ، كَنَقْلِ السُّكُوتِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ. الْقَيْدُ الثَّالِثُ: كَوْنُ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدَةً عَنْ الرِّضَى وَالْكَرَاهَةِ. فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الرِّضَا بِمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ فَهُوَ إجْمَاعٌ بِلَا خِلَافٍ. قَالَهُ الْقَاضِيَانِ الروياني

<<  <  ج: ص:  >  >>