للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَطْعِيِّ مِنْ الْجَمِيعِ. وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَوْطِنِ الْخِلَافِ. قَالَ فِي الْقَوَاطِعِ ": وَالْمَسْأَلَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الطَّيِّبِ فِي إثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَرْتِيبًا فِي الِاسْتِدْلَالِ اسْتَحْسَنَهُ، فَأَوْرَدْتُهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِهِمْ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى الْخَطَأِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، وَمَا عَدَاهُ بَاطِلٌ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ، فَلَا يَخْلُو الْقَوْلُ الَّذِي ظَهَرَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا، فَإِنْ كَانَ حَقًّا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَلَا يَخْلُو عِنْدَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ. إمَّا أَنْ لَا يَكُونُوا اجْتَهَدُوا، أَوْ اجْتَهَدُوا وَلَمْ يُؤَدِّ اجْتِهَادُهُمْ إلَى شَيْءٍ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ، أَوْ أَدَّى إلَى صِحَّةِ الَّذِي ظَهَرَ خِلَافُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ اجْتَهَدُوا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُخَالِفَةٌ لِهَذَا؛ وَلِأَنَّ النَّازِلَةَ إذَا نَزَلَتْ فَالْعَادَةُ أَنَّ كُلَّ أَهْلِ النَّظَرِ يَرْجِعُونَ إلَى النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ أَهْلِ الْعَصْرِ بَعْضُهُمْ بِتَرْكِ الِاجْتِهَادِ، وَبَعْضُهُمْ بِالْعُدُولِ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى الْخَطَأِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ اجْتَهَدُوا فَلَمْ يُؤَدِّ اجْتِهَادُهُمْ إلَى شَيْءٍ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خَفَاءِ الْحَقِّ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ مُحَالٌ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ اجْتَهَدُوا، فَأَدَّى اجْتِهَادُهُمْ إلَى خِلَافِهِ، إلَّا أَنَّهُمْ كَتَمُوا؛ لِأَنَّ إظْهَارَ الْحَقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>