وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيُّ عَنْهُ: " لَا إنْ كَانَ مِنْ إمَامٍ أَوْ حَاكِمٍ ". قَالَ: وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ خَالَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْجَدِّ، وَعُمَرُ فِي الْمُشْتَرِكَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. عَلَى أَنَّا إنْ اعْتَبَرْنَا فِي هَذَا انْقِرَاضَ الْعَصْرِ وَمُحَابَاةَ الْإِمَامِ أَوْ الْحَاكِمِ اخْتَصَّ مَجْلِسُ حُكْمِهِ دُونَ غَيْرِهِ. قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَحْدَهُ هَلْ يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ؟ قَوْلَانِ. وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي ": لَوْ ظَهَرَ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْحَاكِمِ إمَّا بِطَرِيقِ الْفَتْوَى أَوْ الْقَضَاءِ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يَكُونُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُمْ دَلِيلَ الرِّضَا. قَالَ: وَغَيْرُهُ مِمَّنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَمُحَابَاةُ الْحَاكِمِ وَالْإِمَامِ مُخْتَصٌّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ. اهـ.
وَنَقَلَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ احْتَجَّ بِهَذَا، بِأَنَّا نَحْضُرُ مَجْلِسَ بَعْضِ الْحُكَّامِ، وَنَرَاهُمْ يَقْضُونَ بِخِلَافِ مَذْهَبِنَا، وَلَا نُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَكُونُ سُكُوتُنَا رِضًا مِنَّا بِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَهُوَ تَقْرِيرٌ حَسَنٌ، لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ نَافِعٌ جِدًّا فِي صُورَتَيْ الْإِيرَادِ فِي مَسْأَلَةِ مِيرَاثِ الْمَبْتُوتَةِ، وَمَسْأَلَةِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مَعَ وُجُودِ الصِّغَارِ مِنْ الْوَرَثَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ انْتَشَرَ قَضَاءُ عُثْمَانَ فِي مِيرَاثِ الْمَبْتُوتَةِ. وَكَذَلِكَ قَتَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ابْنَ مُلْجِمٍ قِصَاصًا، مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ الصِّغَارِ، وَانْتَشَرَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُقَدِّمُوا ذَلِكَ عَلَى الْقِيَاسِ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَوْفٍ مُخَالَفَةُ عُثْمَانَ، وَأَمَّا قَتْلُ الْحُسَيْنِ لِابْنِ مُلْجِمٍ، فَفِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ؛ لِكَثْرَةِ الْفِتَنِ إذْ ذَاكَ. قَالَ: وَمِمَّا يُضَمُّ إلَى هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ الصَّادِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute