للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: أَنَّ مُعْتَمَدَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا مِنْ أَصْحَابِنَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ، وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِلَافِ هُنَا وَأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ، أَيْ قَطْعِيٍّ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ، وَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ، فَكَيْفَ يَنْقَسِمُ الشَّيْءُ إلَى نَفْسِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِي أَنَّ لَفْظَ الْإِجْمَاعِ هَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ، أَوْ يَخْتَصُّ بِالْقَطْعِيِّ؟ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ السُّكُوتِيَّ حُجَّةٌ مُثِيرَةٌ لِلظَّنِّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ قَطْعِيٌّ أَمْ ظَنِّيٌّ؟ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، وَالْبَنْدَنِيجِيّ: إنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ، أَيْ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى مَا ظَنَنَّاهُ، لَا الْقَطْعَ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ظَنِّيٌّ. تَنْبِيهٌ [لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ إجْمَاعٌ لَا حُجَّةٌ] قَالَ الْهِنْدِيُّ: لَمْ يَصِرْ أَحَدٌ إلَى عَكْسِ هَذَا، أَعْنِي إلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ، لَا حُجَّةٌ وَيُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ، كَالْإِجْمَاعِ الْمَرْوِيِّ بِالْآحَادِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِحُجِّيَّتِهِ.

[الشَّرْطُ] الرَّابِعُ أَنَّهُ إجْمَاعٌ بِشَرْطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ لَا عَنْ رِضًا. وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، مِثْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>