للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَفِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَيَحْتَمِلُ ثَالِثَةً: وَهِيَ التَّعْمِيمُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هُوَ فِي مَعْنَى الْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كُنَّا نُسَمِّيهِ إجْمَاعًا، فَهُوَ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: مَنْ نَسَبَ إلَى سَاكِتٍ قَوْلًا فَقَدْ أَخْطَأَ، فَإِنَّا لَمْ نَقُلْ: إنَّهُمْ قَالُوا: وَإِنَّمَا نَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَ أُمَّتَنَا بِأَنَّهُمْ آمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، نَاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ خَطَأً، وَلَمْ يُنْكِرْهُ، لَزِمَ وُقُوعُ خِلَافِ الْخَبَرِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ ": الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ حُجَّةٌ. وَهَلْ هُوَ إجْمَاعٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إجْمَاعٌ. فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ " إنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي أَوَائِلِ الْبَحْرِ ": إنَّهُ حُجَّةٌ مَقْطُوعٌ بِهَا. وَهَلْ يَكُونُ إجْمَاعًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: - وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ - إنَّهُ يَكُونُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْكُتُونَ عَلَى الْمُنْكَرِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ. قَالَ: وَهَذَا الْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى الِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَيَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ قَطْعًا. وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي ": إذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ رِضًا وَلَا إنْكَارٌ وَانْقَرَضَ الْعَصْرُ، فَذَهَبَ بَعْضٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَلَا حُجَّةٍ. وَقَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا: حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُمْ حَتَّى انْقَرَضُوا مَعَ إضْمَارِهِمْ الْإِنْكَارَ بَعِيدٌ. وَهَلْ يَكُونُ إجْمَاعًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَسْمِيَتِهِ إجْمَاعًا، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، وَالْقَطْعُ بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>